للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عَن قَوْله: {فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌءَامَنَتْ فَنَفَعَهَآ إِيمَانُهَا إِلَاّ قَوْمَ يُونُسَ} (يُونس: ٩٨) على أَي شيءٍ نُصِبَ؟ قَالَ: إِذا كَانَ معنى إِلَّا لَكِن نُصِبَ. وَقَالَ الفرّاء فِي قِرَاءَة أُبيّ (فهلاّ) وَفِي مصحفنا (فلولا) . قَالَ: وَمَعْنَاهَا أَنهم لم يُؤمنُوا ثمَّ اسْتثْنى قومَ يُونُس بِالنّصب على الِانْقِطَاع بِمَا قبله. كَأَن قومَ يُونُس كَانُوا منقطعين من قومِ غيرهِ. وَقَالَ الفرَّاء أيْضاً: لَوْلَا إِذا كَانَت مَعَ الْأَسْمَاء، فَهِيَ شرطٌ، وَإِذا كَانَت مَعَ الْأَفْعَال، فَهِيَ بِمَعْنى هلَاّ، لَوْمٌ على مَا مضى وتحضيض لِمَا يأْتِي. وَقَالَ الزّجّاج فِي قَوْله: {رَبِّ لَوْلا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

١٧٦٤ - أَخَّرْتَنِى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

١٧٦٤ - إِلَى أَجَلٍ} (المنَافِقون: ١٠) مَعْنَاهُ هلاّ.

قَالَ اللَّيْث: تَقول: هَلّ السحابُ بالمطر وانهلّ بالمطر انْهِلالاً؛ وَهُوَ شدَّة انصبابه، ويتهلَّلُ السحابُ ببَرْقه؛ أَي: يتَلأْلأُ، ويتهلّل الرجل فَرَحاً؛ وَقَالَ زُهَيْر:

تَرَاهُ إِذا مَا جِئْتَهُ مُتَهَللاً

كأَنَّكَ تُعطِيهِ الَّذِي أَنْتَ سَائِلُهْ

قَالَ: والهَلِيلَةُ: الأَرْض الَّتِي استُهِلّ بهَا الْمَطَر، وَمَا حواليها غيرُ مَمْطُور، قَالَ: والهِلال: غُرَّةُ الْقَمَر حِين يُهِلُّه النَّاس فِي أول الشَّهْر. تَقول: أُهِلَّ القَمَرُ. وَلَا يُقَال: أُهِلَّ الهلالُ. قلت: هَذَا غلط. وَكَلَام الْعَرَب: أُهِلَّ الهِلالُ. وروى أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: أُهِلَّ الْهلَال واستُهِلّ، لَا غيرُ. وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: أَهَلَّ الهلالُ واسْتَهَلَّ وأهلّ الصبيُّ واستَهَلَّ. وَقَالَ: الشهرُ الهلالُ بِعَيْنِه. وَقَالَ شمر: أُهِلّ الهلالُ واستُهلّ، قَالَ واستَهَلَّ أَيْضا، وَشهر مستهِلٌّ؛ وَأنْشد:

وَشهر مستهِلٌّ بعدَ شَهْرٍ

وَيَوْم بعده يومٌ قريبُ

قَالَ أَبُو بكر: قَالَ أَبُو الْعَبَّاس: سُمي الهلالُ هلالاً، لِأَن النَّاس يرفعون أَصْوَاتهم بالإخبار عَنهُ. وأَهَلَّ الرجلُ واستَهلَّ: إِذا رفع صَوته؛ وَقَول الشَّاعِر:

غيرَ يَعْفُورٍ أَهَلَّ بِهِ

جَابَ دَفَّيْه عَن القَلْبِ

قيل فِي الإهلال: إِنَّه شَيْء يَعْتَرِيه فِي ذَلِك الْوَقْت يخرج من جَوْفه شبيهٌ بالعُواء الْخَفِيف، وَهُوَ بَين العواء والأنين، وَذَلِكَ من حاق الحِرْص وشدّة الطّلب وَخَوف الفَوْتِ. وانهلّت السَّمَاء مِنْهُ يَعْنِي كلبَ الصَّيْد إِذا أُرسل على الظّبْي فَأَخذه. أَبُو زيد: استهلَّت السَّمَاء فِي أول الْمَطَر، وَالِاسْم الهلَلُ. وَقَالَ غَيره: هَلَّ السحابُ: إِذا قطَرَ قَطْراً لَهُ صوتٌ، وأهَلَّه اللَّهُ، وَمِنْه انْهِلَالُ الدمع وانْهِلالُ الْمَطَر. وَأَخْبرنِي المنذريُّ عَن أبي الْهَيْثَم قَالَ: يسمّى الْقَمَر لِلَيْلَتَيْن من أَوَّل الشَّهر هِلَالاً، ولليلتين من آخر الشَّهْر لَيْلَة ستّ وَسبع وَعشْرين هلالاً. ويسمّى مَا بَين ذَلِك قَمَراً، وَيُقَال: أَهْلَلْنَا الهِلَال واستهلَلْنَاه. وَقَالَ اللَّيْث: المُحْرِم يُهِلُّ بِالْإِحْرَامِ: إِذا أوجب الحُرُم على نَفسه، تَقول: أَهَلَّ فلانٌ بِعُمْرَة أَو بِحَجَّة؛ أَي: أَحْرَمَ بهَا، وَإِنَّمَا قيل للإِحرام إِهْلالٌ، لِأَن إحرامهم كَانَ عِنْد إهلال الْهلَال. قلت: هَذَا غلط إِنَّمَا قيل للْإِحْرَام: هلالٌ لرفع

<<  <  ج: ص:  >  >>