للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بله: قَالَ اللَّيْث: البَلَه: الغَفْلة عَن الشّرّ.

وَفِي الحَدِيث: (أَكثر أهل الجنّة البُلْه) ، الْوَاحِد أبلَه: وَهُوَ الغافل عَن الشرّ. قلت: البَلَه فِي كَلَام الْعَرَب على وُجُوه: يُقَال: عيشٌ أَبْلَه، وشبابٌ أبله: إِذا كَانَ نَاعِمًا، وَمِنْه قولُ رؤبة:

بعد غُدانِيِّ الشبابِ الأبْلَهِ

يُرِيد الناعم، وَمِنْه: أُخِذَ بُلَهْنِيَةِ العَيش: وَهُوَ نَعْمَتهُ وغَفْلَتُه. والأَبلَه: الرجل الأحمَق الَّذِي لَا تمييزَ لَهُ، وامرأةٌ بَلْهاء.

وَقَالَ ابْن شُمَيْل: ناقةٌ بَلهاء: وَهِي الَّتِي لَا تَنْحَاشُ من شيءٍ مكانةً ورزَانةً، كَأَنَّهَا حَمْقاء، وَلَا يُقَال: جملٌ أبلَه.

والأبلَه: الَّذِي طُبِع على الْخَيْر، فَهُوَ غافِلٌ عَن الشرّ لَا يعرفهُ.

وَمِنْه الحَدِيث الَّذِي جَاءَ: (أكثرُ أهل الْجنَّة البُله) .

وَقَالَ ابْن شُمَيْل: الأبلَه: الَّذِي هُوَ مَيّتُ الدَّاء، يُرادُ أَن شرَّه ميّت لَا يَنْبَه لَهُ.

وَقَالَ أَحْمد بن حَنْبل فِي تَفْسِير قَوْله: استراحَ البُلْه، قَالَ: هم الغافلون عَن الدُّنْيَا وَأَهْلهَا وفسَادِهم وغِلِّهم، فَإِذا جَاءُوا إِلَى الْأَمر وَالنَّهْي فهمُ الْعُقَلَاء الْفُقَهَاء.

وَقَالَ ابنُ شُمَيْل: البَلَه: حُسْن الخُلق، وَقلة الفِطْنة لِمَداقّ الْأُمُور.

وَقَالَ القُتَيْبِيُّ فِي تَفْسِير البُلْه الَّذِي جَاءَ فِي الحَدِيث: البُلْه: هم الَّذين غَلَبَتْ عَلَيْهِم سلامةُ الصُّدور، وحُسْنُ الظنّ بِالنَّاسِ، وَأنْشد:

وَلَقَد لَهَوْتُ بطِفْلةٍ مَيّالةٍ

بلهاءَ تُطلِعُني على أَسْرَارها

أَرَادَ أَنَّهَا غِرٌّ لَا دهاء لَهَا، فَهِيَ تُخبِرُني بسِرّها، وَلَا تفْطُن لما فِي ذَلِك عَلَيْهَا، وَأنْشد غَيره فِي صفة امْرَأَة:

بَلهاء لم تُحفَظْ وَلم تُضَيَّعِ

يَقُول: لم تُحفظ لعَفافِها وَلم تُضَيَّع، مِمَّا يقُوتُها ويَصونها، فَهِيَ ناعمة عَفِيفة.

وَقَالَ اللَّيْث: التَّبَلُّه: تَطَلُّبُ الدَّابَّة الضَّالة والعرَب تَقول: فلَان يتبلّه فِي سيره إِذا تعَسَّف طَرِيقا لَا يهْتَدِي فِيهِ وَلَا يَسْتَقِيم على صَوْبه.

قَالَ لبيد:

عَلِهَتْ تَبلَّهُ من نِهاءٍ صعائدٍ

وَالرِّوَايَة الْمَعْرُوفَة: عَلِهتْ تبَلّدُ.

وَقَالَ اللَّيْث: بَلْهَ: كلمةٌ بِمَعْنى أَجَلْ، وَأنْشد:

بَلْهَ أَنِّي لم أَخُنْ عهدا وَلم

أقترِفْ ذَنبا فتجْزيني النِّقَمْ

وَقَالَ أَبُو بكر الأنباريّ: فِي بَلْهَ ثَلَاثَة أَقْوَال: قَالَ جمَاعَة من أهل اللُّغَة: بلهَ مَعْنَاهَا على، وَقَالَ الْفراء: مَن خَفَضَ بهَا جَعَلها بِمَنْزِلَة على وَمَا أشبههَا من حُرُوف الْخَفْض، وَذكر مَا قَالَه اللَّيْث أَنَّهَا بِمَعْنى أَجَلْ.

وَفِي حَدِيث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَعَدَدْتُ لعبادي الصَّالِحين مَا لاعينٌ رَأَتْ، وَلَا أُذُن سَمِعتْ، وَلَا خطر على قلبِ بشَر، بله مَا أطلَعْتُهم عَلَيْهِ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>