وَفِي حَدِيث ابْن مَسْعُود: إنّ أحسنَ الهدْيِ هَدْيُ مُحَمَّد، أَي أحسنَ الطَّرِيق والهِداية والطريقة والنحو والهيئة.
وَفِي حَدِيثه: كنّا ننظرُ إِلَى هَدْيه ودَلِّه.
قَالَ أَبُو عبيد: وأحدُهما قريبُ الْمَعْنى من الآخر، وَقَالَ عمرَان بن حطَّان:
وَمَا كَانَ فِي هَدْي عَلَيَّ غَضاضةٌ
وَمَا كنتُ من مَخْزاتِه أَتَقَنَّعُ
وَقَالَ اللَّيْث وغيرُه فِيمَا يُهدَى إِلَى مكَّة من النَّعَم وغيرِه من مالٍ أَو متاعٍ فَهُوَ هَدِيٌّ وهَدْيٌ، وقُرِىء بِالْوَجْهَيْنِ.
والهِداء: الرَّجل البَليد الضَّعِيف. وَجمع الهَدِيَّة هَدَايَا، ولُغة أهلِ الْمَدِينَة: هدَاوَى والهَدْيُ السُّكون. قَالَ الأخْطَل:
وَمَا هدَى هَدْيَ مَهزومٍ وَمَا نَكَلا
يَقُول: لمْ يُسرِع إسراعَ المنْهزِم، وَلَكِن على سكونٍ وحُسْن هدْي.
وَقَالَ أَبُو زيد: الهدَاوَى لُغةُ عُلْيا مَعَدّ وسُفْلاها الْهَدَايَا.
أَبُو بكر: رجلٌ هِداء وهِدان للثقيل الوَخم.
قَالَ الأصمعيّ: لَا أَدْري أَيهمَا سمعتُ أَكثر. قَالَ الرَّاعِي:
هِداءٌ أخُو وَطْبٍ وصاحبُ عُلْبَةٍ
يَرى المجدَ أَن يَلقَى خِلَاء وأمْرُعا
وَفِي حَدِيث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه خرج فِي مَرَضه يُهادَى بَين اثْنَيْنِ.
قَالَ أَبُو عبيد: مَعْنَاهُ أنّه كَانَ يَعتمد عَلَيْهِمَا من ضَعفه وتمايُله. وَكَذَلِكَ كلُّ من فَعل ذَلِك بأَحدٍ فَهُوَ يُهاديه. وَقَالَ ذُو الرمة يصف نسَاء يُهادِين جَارِيَة ناعمةً:
يُهادِين جَمّاء المرافِق وَعْثَةً
كَلِيلةَ حَجم الكَعب رَيّا المخلْخَلِ
فَإِذا فعلتْ ذَلِك المرأةُ فتمايلتْ فِي مشيها من غير أَن يُماشيها أحد، قيل: هِيَ تَهادَى. قَالَه الأصمعيّ: قَالَ الْأَعْشَى:
إِذا مَا تَأَتَّى تُرِيدُ القيامَ
تَهادَى كَمَا قد رأيتَ البَهِيرا
وَقَالَ أَبُو ذُؤَيْب:
فَمَا فَضْلَةٌ من أَذْرِعاتٍ هوَتْ بهَا
مُذكَّرَةٌ عَنْسٌ كهادية الضَّحْلِ
أَرَادَ بهاديةِ الضَّحل أتان الضَّحْل، وَهِي الصَّخْرَة الملساء.
وَيُقَال: هُوَ يُهاديه الشِّعْرَ ويُهاجِيه الشِّعر، بِمَعْنى وَاحِد.
وَفِي حَدِيث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه بَعَثَ إِلَى ضُباعَة وذَبَحت شَاة فطَلَب مِنْهَا، فَقَالَت: مَا بقِي إلاّ الرَّقبة، فبَعث إِلَيْهَا أنْ أرسِلِي بهَا، فإِنها هاديةُ الشَّاة.
قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الأصمعيّ: الهادية من كلّ شَيْء أوّله وَمَا تقدَّم مِنْهُ. وَلِهَذَا قيل: أقبلَت هَوادِي الخَيل، إِذا بَدَت أعناقُها، لِأَنَّهَا أوَّل شَيْء من أجسادها وَقد تكون الهوادي أوّلَ رَعِيل يطلعُ مِنْهَا، لِأَنَّهَا المتقدّمة.
يُقَال: قد هَدَت تَهْدِي، إِذا تقدَّمَت. وَقَالَ عَبيد يذكرُ الخَيل:
وغَداةَ صَبَّحْنَ الجِفَارَ عَوَابساً
يَهدِي أوائِلَهُنَّ شُعْثٌ شُرَّبُ