للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

اردُدْ علينا شَيخَنا مُسلَّما

وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق: قَالَ الْخَلِيل وسيبويه وَجَمِيع النحويّين الموثوق بعلمهم: اللهمَّ بِمَعْنى يَا ألله، وَأَن الْمِيم المشدّدة عِوَض من (يَا) لأَنهم لم يَجِدوا (يَا) مَعَ هَذِه الْمِيم فِي كلمةٍ ووجَدُوا اسمَ الله مستعَملاً ب (يَا) إِذا لم تُذكَر الْمِيم فِي آخر الْكَلِمَة فعَلموا أَن الْمِيم فِي آخر الْكَلِمَة بِمَنْزِلَة (يَا) فِي أوّلها والضمة الَّتِي فِي الْهَاء هِيَ ضمة الِاسْم المنادى الْمُفْرد وَالْمِيم مَفْتُوحَة لسكونها وَسُكُون الْمِيم قبلهَا.

وَقَالَ الزّجّاج فِي قَول الله تَعَالَى: {قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَآ} (المَائدة: ١١٤) ذكر سِيبَوَيْهٍ أنّ اللهمّ كالصوت وَأَنه لَا يوصَف، وَأَن رَبَّنا منصوبٌ على نِدَاء آخر.

قلت: وَأنْشد قُطربٌ:

إنِّي إِذا مَا مَطعَمٌ أَلمَّا

أَقُولُ يَا اللَّهُمَّ يَا اللَّهُما

وَقَالَ أَبُو بكر بن الأنباريّ: الدَّلِيل على صِحَة قَول الفرّاء وَأبي العبّاس فِي اللَّهُمَّ أنّه بِمَعْنى يَا ألله أُمَّ، إِدْخَال العَرَب (يَا) على (اللَّهم.

ورَوَى سَلمَة عَن الفرّاء أَنه قَالَ بعد قَوْله الأوّل: وَمن الْعَرَب من يَقُول إِذا طَرَح الميمَ: يألله اغْفِر لي بِهَمْزَة، وَمِنْهُم من يَقُول: يَلّله بِغَيْر همزَة، فَمن حَذَف الْهمزَة فَهُوَ على السَّبيل، لِأَنَّهَا ألف وَلَام، مِثل الْحَارِث من الْأَسْمَاء وأشباهِه، وَمن هَمَزَها توهّمَ الْهمزَة من الْحَرْف إِذا كَانَت لَا تَسقط مِنْهُ، وَأنْشد:

مُباركٌ هُوَ وَمن سَمَّاهُ

على اسْمك اللَّهُمَّ يَا ألله

قَالَ: وَقد كَثُرت اللهمّ فِي الْكَلَام حتْى خُفِّفتْ ميمها فِي بعض اللّغات. أَنْشدني بعضهُم:

بحَلفةٍ من أبي رَبَاح

يسْمعهَا اللَّهُمَ الكُبارُ

قَالَ: وإنشاد الْعَامَّة: (يسمَعُها لاهُهُ الكُبار) . قَالَ: وأنشده الكسائيّ: يسْمعهَا الله وَالله كُبار.

وَقَالَ الكسائيّ: الْعَرَب تَقول: يَأ الله اغْفِر لي ويَللَّه اغْفِر لي.

وَقَالَ ابْن شُمَيْل: سمعتُ الخليلَ يَقُول: يَكرَهون أَن يَنقُصوا من هَذَا الِاسْم شَيْئا يَأ الله، أَي لَا يَقُولُونَ: يَلَّه.

تفسيرُ:

لَهَا لهى: وألهى وتَلهَّى واستَلْهى ولَاهَى. أمَّالَها، فَهُوَ من اللَّهو. وَقَالَ اللَّيْث: اللَّهْو: مَا شَغَلك من هَوًى وطَرَب، يُقَال: لهَا يَلْهُو، والتَهَى بامرأةٍ فَهِيَ لَهْوَتُه، وَقَالَ العجّاج:

ولَهْوةُ اللاّهي وَلَو تَنَطَّسا

قَالَ: واللَّهْو: الصُّدُوف، يُقَال: لهَوْت عَن الشَّيْء أَلْهُو لَهاً.

قَالَ: وقولُ الْعَامَّة: تلهّيتُ. وَتقول: أَلْهاني فلانٌ عَن كَذَا وَكَذَا أَي، شَغلَني وأنساني.

قلتُ: كلامُ الْعَرَب جاءَ على خِلاف مَا قَالَه اللَّيْث: تَقول العَرَب: لهوْتُ بِالْمَرْأَةِ وبالشّيء أَلْهُو لَهْواً لَا غير، وَلَا يُقَال: لَهىً، وَيَقُولُونَ: لَهِيتُ عَن الشَّيْء أَلْهَى لُهِيّاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>