وَقَالَ الفرَّاء: أباد الله خَضْرَاءَهُمْ _ أَي: دنياهم، يُرِيد قَطَعَ عَنْهُم الْحَيَاة.
ورُوي عَن مُجَاهدٍ أَنه قَالَ: لَيْسَ فِي الْخَضْرَاوَاتِ صدقةٌ _ أَرَادَ ب ((الخَضْراوات)) التُّفاحَ والكُمَّثرى وَمَا أشبههَا.
وَقَالَ اللَّيْث: الخَضِيرُ الزَّرْع الأخْضَرُ، وَقد اخْتُضِرَ فلَان _ إِذا مَاتَ شابّاً.
فِي بعض الْأَخْبَار: أنَّ شابّاً من الْعَرَب أُولِعَ بشيخ قد كبِر، فَكَانَ يَقُول لَهُ _ إِذا رَآهُ _: قد أَجْزَزْتَ أَبا فلَان، فَقَالَ لَهُ الشَّيْخ _ لَمّا أَكثر عَلَيْهِ _: وتُخْتَضَرُون _ أَي: تُتَوَفَّوْن شبَابًا.
والأصلُ فِي ذَلِك: النباتُ الغضُّ يُرعَى ويُخْتَضَر ويُجَزُّ، فيؤكَلُ قبل تناهِي طُولِه.
وَيُقَال: اخْتَضَرْتُ الفاكهةَ _ إِذا أَكَلْتَها قبل إناءِ إِدْرَاكهَا.
والعربُ تَقول للبُقول الْخُضْر: الخضْراءُ.
وَمِنْه الحَدِيث: ((تَجَنَّبُوا من خَضْرَائِكم ذَوَاتِ الرِّيح)) يَعْنِي الثُّومَ والبَصل والكُرَّاثَ.
وَيُقَال للدَّلو الَّتِي استُقِيَ بهَا _ حَتَّى اخضَرَّتْ _: خضْرَاءُ.
وَقَالَ الراجز:
(يُمْطَى مِلاطَاهُ بَخَضْرَاءَ فَرِي ... وإنْ تَأَبَّاهُ تَلَقَّى الأَصْبَحِي)
وَأَخْبرنِي الإياديُّ _ عَن شمِر _ أَنه قَالَ: الخُضْرِيَّةُ: نخلةٌ طيِّبة التمرِ خَضْرَاؤُه وَأنْشد:
(إِذا حَمَلْتَ خُضْرِيةٌ فَوق طَايَةٍ ... وللشُّهْبِ قَصْلٌ عندَها والبَهازِرِ)
أَبُو عبيد _ عَن الفرَّاء _ قَالَ: الْخَضِيرَة النَّخلةُ الَّتِي يَنْتَثِر بُسْرُها وَهُوَ أخضرُ.
وسمعتُ العربَ تَقول _ لِسَعَفِ النخْل وجريدِه الأَخْضَرِ: الْخَضَرُ ... بِفَتْح الضَّاد وَالْخَاء.
وَمِنْه قَول الشَّاعِر:
(يَظَلُّ يَوْمَ وِرْدِهَا مُزَعْفَرَا ... وَهْيَ خَنَاطِيلُ تجُوسُ الْخَضَرَا)
أَي تَوَطَّؤُه وتكسِرُه.
وَيُقَال: خَضَرَ الرجلُ خَضَرَ النَّخلِ بِمِخْلَبِه، يَخْضِرُه خَضْراً، واخْتَضَرَهُ يَخْتَضِرُهُ _ إِذا قطَعه.
ورَوى أَبو تُرَاب _ عَن الأصمعيِّ _: يُقَال: اختَضَرَ فلانٌ الجاريةَ، وابتَسرها وابتكَرها _ إِذا اقتَرَعَها قبل بُلوغها.
وَالْعرب تَقول: الأمْرُ بَيْننَا أَخْضَرُ _ أَي: جديدٌ، لمْ تَخْلُق المودَّةُ بَيْننَا.
وَقَالَ ذُو الرُّمَّة:
(أَتْرَابُ مَيٍّ وَالْوِصَالُ أَخْضَرُ ... وَلَمْ يُغيِّرْ أَصْلَهُ المغَيِّرُ)
والعَرَبُ تقولُ _ أَيْضا _: لَيْلٌ أَخْضَرُ _ أَي: مُظلمٌ أَسْودُ.
وَقَالَ ذُو الرُّمّةِ:
(قدْ أَعْسِفُ النَّازحَ المجهُولَ مَعْسَفُهُ ... فِي ظِلِّ أَخْضَرَ يَدْعُو هَامَهُ البُومُ)
أَرَادَ فِي ظِل ليل مُظْلمٍ.
وَأما قولُ عُتْبَةَ بنِ أَبِي لَهَبٍ:
(وَأَنا الأَخضرُ مَنْ يَعْرِفني؟ ... أَخْضَرُ الجِلْدَةِ فِي بيتِ العَرب)