قَالَ: وَلَا يكونَانِ ((خَلِيطَيْنِ)) حَتَّى يُرِيحَا ويَسْرَحَا ويَسْقِيَا مَعًا. وتَكُونَ فحولُهُما ((مُخْتَلِطَةً)) ، فَإِذا كَانَا هَكَذَا صَدَّقَا صَدَقَةَ الْوَاحِد، بكلِّ حَال.
قَالَ: وَإِن تفرَّقَا فِي مُرَاحٍ أَو سَقْي أَو فَحُولٍ، فليسا ((خَلِيطَينِ)) ، ويُصَدَّقَانِ صَدَقَةَ الِاثْنَيْنِ.
قَالَ وَلَا يكونَانِ: ((خَلِيطَيْنِ)) حتَّى يَحُولَ عَلَيْهِمَا الْحَوْلُ، من يَوْم ((اخْتَلَطَا)) فَإِذا حَال عَلَيْهِمَا حَوْلٌ من يومِ ((اخْتَلَطَا)) زُكِّيَا زكاةَ الواحِدِ. قُلْتُ _ وشَرْحُ ذَلِك أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أوجب على مَنْ مَلَكَ أَرْبَعِينَ شَاة فحال عَلَيْهَا الْحَوْلُ _ من يَوْم ملَكهَا _ شَاة.
وَكَذَلِكَ: إِذا مَلَكَ أَكْثَرَ مِنْهَا إِلَى تَمام مائَة وعشرينَ _ فَفِيهَا شاةٌ واحدةٌ، فَإِذا زادتْ شاةٌ وَاحِدَة على مائَة وَعشْرين فَفِيهَا شَاتَانِ.
وَلَو أنَّ ثَلَاثَةَ نَفَرٍ مَلَكُوا مائَة وَعشْرين شَاة. لكُلِّ واحدٍ مِنْهُم أربعُونَ شَاة، وَلم يَكُونُوا ((خُلَطَاءَ) سنة كَامِلَة فعلى كلِّ واحدٍ مِنْهُم شاةٌ _ فَإِن صَارُوا ((خُلَطَاءَ)) وجَمَعُوها على راعٍ واحدٍ سنة كَامِلَة وجَبَتْ عَلَيْهِم جَمِيعًا شاةٌ واحدةٌ لأَنهم يُصَدِّقُون صَدَقَة الْوَاحِد إِذا اخْتَلطُوا.
وَكَذَلِكَ إِذا كَانُوا ثَلَاثَة بَينهم أربعُون شَاة _ وهم ((خُلَطَاءُ)) _ فإنَّ عَلَيْهِم شَاة، كأنهُ مَلَكَهَا رجلٌ وَاحِد.
فَهَذَا تَفْسِير ((الْخُلَطَاءِ)) فِي الْمَوَاشِي من الْإِبِل والغَنَم، وَالْبَقر.
وَأما تفسيرُ ((الْخَلِيطَيْنِ)) الَّذِي جَاءَ فِي بَاب ((الأشْرِبَةِ)) وَمَا جَاءَ فيهمَا من النَّهي عَن شُرْبِهِمَا، فَهُوَ شَرَابٌ يُتَّخَذُ من التمْرِ والبُسْرِ، أَو مِنَ العنبِ وَالزَّبِيب، أَو من التمْر والعنبِ.
وقَوْلُ الله جلّ وعزّ: {وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَاّ الذِّينَءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحتِ} [ص: ٢٤] .
فالْخُلَطَاءُ _ هَهُنَا _: الشُّرَكاءُ، الَّذين لَا يتميَّز مِلْكُ كلِّ واحدٍ مِنْ مِلْكِ أَصْحابه إِلَّا بِالْقِسْمَةِ.
وَقد يكون ((الْخُلَطَاءُ)) _ أَيْضا _ أَن يَخْلِطوا العَيْنَ الُتمَيِّزِ بالعَيْنِ المُتَمَيِّزِ _ كَمَا فسَّر الشَّافِعيُّ _ ويكونُونَ مُجْتَمعين كالْحِلَّةِ تشْتَمِل على عَشْرة أَبيات. . لِصَاحبِ كلِّ بيتٍ ماشيةٌ على حِدَةٍ فَيجْمعونَ مواشِيَهُم كلَّها على راعٍ واحدٍ، يرعاها مَعًا، ويُورِدُها الماءَ مَعًا وكلُّ واحدٍ مِنْهُم يعرفُ مَالَه بسمتِهِ ونِجَارهِ.
ورَوَى أَبُو الْعَبَّاس _ عَن ابْن الْأَعرَابِي _ قَالَ: الْخِلَاطُ أَن يأتيَ الرجلُ إِلَى مُرَاح آخَرَ فيأخذَ مِنْهُ جَمَلاً فَيُنْزِيَهُ على ناقَتِهِ سرّاً من صاحبِه.
قَالَ: والْخِلَاطُ _ أَيضاً: أَنْ لَا يُحسنَ الجملُ الْقُعُوَّ على طَرُوقتهِ فَيأخذَ الرَّاعِي قضيبَه ويهْدِيهُ لِلْمَأْتَى حَتَّى يُولِجَهُ.
والْخَلِيطُ: الصاحب. . والْخَلِيط: الجارُ.
وَيكون وَاحِدًا وجمْعاً، وَمِنْه قَول جَرِيرٍ:
(بانَ الخليطُ وَلَو طُووِعْتُ مَا بَانَا ... )
فَهَذَا واحدٌ.