والخُطْبَةُ مَصْدَرُ الْخَطِيب.
وَهُوَ يخْطُب المرأةَ، ويَختَطِبُها. . خِطْبَةً وخِطِّيبَى.
وَقَالَ الْفراء _ فِي قَول الله جلّ وعزّ: {من خطْبَة النِّسَاء} [البَقَرَةَ: ٢٣٥] : الخِطْبَةُ مَصْدَرٌ بِمَنْزِلَة الخَطْب _ وَهُوَ بمنزلةِ قَوْلك: إنّهُ لَحَسَنُ القِعْدَةِ والْجِلْسة.
قَالَ: والخُطْبَةُ مِثل الرِّسالة الَّتِي لَهَا أوَّلٌ وَآخر.
قَالَ: وسمعتُ بعض الْعَرَب يَقُول: اللَّهُمَّ ارْفَعْ عنَّا هَذِه الضُّغْطَةَ. . كَأَنَّهُ ذهب إِلَى أَنَّ لَهَا مُدَّةً وَغَايَة، أَولا وآخراً، ولَوْ أَرَادَ مَرَّةً لقَالَ: ضَغْطةً _ وَلَو أَرَادَ الفِعْلَ لقَالَ: الضِّغْطَةَ، مِثَلُ المِشْيَة.
قَالَ: وسمعْتُ آخَرَ يَقُول: اللَّهُمَّ غَلَبَنِي فلانٌ على قُطْعةٍ من أَرْض _ يريدُ أَرضًا مَفروزَةً.
قلت: وَالَّذِي قَالَ اللَّيْث. . أَنَّ الخُطْبَةَ مَصْدَرُ الخطِيب: لَا يَجوز إلَاّ على وَجْهٍ واحدٍ، وَهُوَ أنَّ الْخُطْبَةَ: اسمٌ للْكَلَام الَّذِي يَتكلم بِهِ الْخَطِيب، فيوضعُ موضعَ المصدَرِ. وَالْعرب تَقول: فلَان خِطْبُ فلانةٍ _ إِذا كَانَ يَخْطُبُها.
وكَانت امراةٌ من الْعَرَب _ يُقَال لَهَا: أُمُّ خَارِجَةَ _ يُضْرَبُ بهَا المثَل. . فَيُقَال: ((أسرَعُ منْ نِكَاحِ أُمِّ خَارِجَةَ)) وكَان الخَاطبُ يقوم على بابِ خبائها فَيَقُول: خِطْبٌ فَتَقول: نِكْحٌ!
وَقَالَ اللَّيْث: الخِطِّيبَى: اسْم امْرَأَة _ وَأنْشد قولَ عَدِيِّ بن زَيْدٍ:
(لِخِطِّيبَى الَّتِي غَدَرَتْ وخَانَتْ ... وهُنَّ ذَوَاتُ غَائِلَةٍ لُحِينا)
قلتُ: وَهَذَا خطأٌ مَحْضٌ، وَ ((خِطِّيبَى)) فِي البيتِ مصدَرٌ كَالْخِطْبة.
هَكَذَا قَالَ أَبُو عبيد.
والْمَعْنَى: لِخِطْبَةِ زَبَّاءَ، وَهِي امرأةٌ كَانت مَلِكَةً خطبهَا جَذِيمةُ الأبْرَشُ، فغرّرَتْ بِهِ وأجابتْه، فلمَّا دخل بلادها قَتَلَتْهُ.
أَبُو عبيد _ عَن أبي زيد _: اخْتَطَبَ القومُ فلَانا _ إِذا دَعَوْهُ إِلَى تزوُّج صاحبتهم.
وَقَالَ أَبُو زيد _ فِي ((النوادِرِ)) : إِذا دَعَا أهل الْمَرْأَة الرَّجلَ إِلَيْهَا ليخطبَها فقد اختَطَبوا اخْتِطَاباً.
قَالَ: وَإِذا أَرَادوا تَنْفِيقَ أَيِّمِهم كذَبوا على رَجلٍ فَقَالُوا: قد خطبهَا فَرَدَدْنَاهُ فَإِذا رَدَّ عَنهُ قومُه قَالُوا: كذَبتُمْ، لقد اخْتَطَبْتُمُوه، فَمَا خَطَبَ إِلَيْكُم.
وَقَالَ اللَّيْث: الخِطَابُ: مُراجعةُ الْكَلَام، وجمعُ الخطيبِ خُطَبَاءُ، وَجمع الْخَاطِبِ خُطَّابُ.
وَقَالَ بعض الْمُفَسّرين فِي قَول الله جلّ وعزّ: {وَفصل الْخطاب} [ص: ٢٠] : هُوَ أَن يَحْكُمَ بالْبَيِّنة، أَو الْيَمين.
وَقيل: مَعْنَاهُ أَن يفصِلَ بَين الحقِّ وَالْبَاطِل، ويميِّزَ بَين الحُكْمِ وضِدِّه.
وَقيل: ((فَصْلُ الخِطَابِ)) : ((أما بعدُ)) ودَاوُدُ _ عَلَيْهِ السَّلَام _ أولُ من قَالَ: ((أَمَّا بَعْدُ)) .
وَقيل: ((فَصْلُ الخِطَابِ)) : الفِقهُ فِي الْقَضَاء.