وأنشدَنِي أَبُو محمدٍ الْمُزنِيُّ _ فِيمَا رَوَى عَن أبي خَلِيفَةَ _ أنَّ محمدَ بنَ سَلَاّمِ أنشدَهُ لأُمَيَّةَ بنِ أبي الصَّلْتِ:
(وَمَا يَبْقَى على الحِدْثَانِ غُفْرٌ ... بشَاهِقَةٍ لَهُ أُمٌّ رَؤُومُ)
(تَبِيتُ اللّيْلَ حَانِيَةً عَلَيْهِ ... كَمَا يَخْرَمِّسُ الأرْخُ الأَطُومُ ... )
قَالَ: ((الْغُفْرُ)) : وَلَدُ الْوَعْلِ. و ((الأرْخُ)) : وَلَدُ الْبَقَرَة.
و ((يَخرمِّسُ)) ، أَي: يَصمُتُ، و ((الأطُومُ)) : الضَّمَّامُ بَيْنَ شَفَتَيْهِ.
ورَوَى أَحمَدُ بنُ يحيى _ عَن ابْن الأعرابيِّ _ قَالَ:
مِنْ أسماءِ البقرةِ: الْيَفَنَةُ والأرْخُ _ بِفَتْح الْهمزَة _، والطَّغْيَا واللِّفْتُ.
قَالَ الأزهريُّ: والصحيحُ: الأَرْخُ بِفَتْح الْهمزَة.
وَالَّذِي حَكَاهُ الصَّيْدَاوِيُّ _ عَن مُصْعَبٍ _: فِيهِ نظَرٌ.
وَمَا قَالَه اللَّيْث _ أنّهُ يقالُ لَهُ: الأُرْخِيُّ _: لَا أَعْرِفُهُ.
وَقيل: إنَّ ((التَّاريخَ)) الَّذِي يُؤَرِّخُهُ الناسُ ليسَ بعربيٍّ مَحْضٍ. . وإنَّ الْمُسلمين أَخَذُوهُ عَن أهل الكِتاب.
وتاريخُ الْمُسلمين أُرِّخَ من سنَة الْهِجْرَة، وكُتِبَ فِي خلافةَ عُمَرَ، فَصَارَ تَارِيخا إِلَى هَذَا الْيَوْم.
خور _ خير: قَالَ الله جلّ وعزّ: {فِيهِنَّ خيرات حسان} [الرَّحمن: ٧٠] .
قَالَ أَبُو إسْحَاق: ((خَيْرَاتٌ)) . . أصلُهُ فِي اللُّغَة: خَيِّرَاتٌ.
والْمَعْنَى: أنهنَّ خَيْرَاتُ الْأَخْلَاق، حِسَانُ الخِلَقِ.
قَالَ: وَقد قُرِىءَ بتَشْديد الياءِ.
وَقَالَ الليثُ: رجُلٌ خَيِّرٌ، وامرأةٌ خيِّرَةٌ: فاضِلَةٌ فِي صَلَاحهَا. . وامرأةٌ خَيْرَةٌ فِي جَمالها ومِيسَمِهَا.
ففَرَّقَ بَيْنَ ((الخَيِّرَةِ)) و ((الْخَيْرَةِ)) واحْتَجَّ بِالْآيَةِ.
قلتُ: وَلَا فرقَ بَين ((الخَيِّرَةِ)) و ((الْخَيْرَةِ)) عِنْد أهل المَعْرِفة باللغة.
وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال: هِيَ خَيْرَةُ النِّسَاء، وشَرَّةُ النِّسَاءِ.
وَأنْشد أَبُو عُبيدةَ:
(رَبَلَاتِ هِنْدٍ خَيْرَةِ المَلِكَاتِ ... )
وَقَالَ الليثُ: ناقةٌ خِيارٌ، وجمَلٌ خِيَارٌ.
قلتُ: وَقد جَاءَ فِي حَدِيث مرفوعٍ: ((أَعْطُوهُ جَمَلاً رَبَاعِياً خِياراً)) .
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: خَايَرْتُ فلَانا فَخِرْتُهُ خَيْراً، وَالله يَخِيرُ للْعَبد _ إِذا اسْتَخَارَهُ، وخَارَ الله لنا مَا هُوَ خَيرٌ، والأَمْرُ: خِرْ.
وَيُقَال: هَذَا وَهَذِه وَهَؤُلَاء: خِيرَتي _ وَهُوَ مَا يَخْتَارُهُ.
وَتقول: ((أَنْتَ بالمُخْتَارِ)) ، و ((أَنْتَ بالخِيَار)) سَوَاءٌ.
وَقَالَ الفرَّاءُ _ فِي قَول الله جلّ وعزّ: {وَاخْتَارَ مُوسَى قومه سبعين رجلا} [الْأَعْرَاف: ١٥٥] .