للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

خُبِطَ ورقُها تَيَبَّسَ وَعاد الْوَرق.

وَقَالَ شمر: قَالَ أَبُو عدنان: سألتُ أَبَا زَيدٍ الحنظَليَّ عَن تَفْسِير قَوْله: أيضرَّ الغبطُ، فَقَالَ: نعم كَمَا يضرُّ العِضاهَ الخَبْطُ، فَقَالَ: الغبْطُ: أَن يُغْبَطَ الإنسانُ وضَرَرُهُ إيَّاهُ أَن تُصِيبَهُ نَفْسٌ. فَقَالَ الأبانيُّ: مَا أحسنَ مَا استخرجها تصيبُهُ الْعين فتغيِّرُ حَاله كَمَا تُغيَّر العِضاهُ إِذا تَحاتَّ ورقُها، قلت: الغبطُ رُبما جلبَ إصابةَ عينٍ بالمغبوطِ فَقَامَ مقامَ النَّجْأَةِ المحذورَةِ وَهِي الإصابةُ بِالْعينِ، والعربُ تكنى عَن الحسدِ بالغبْطِ.

وَأَخْبرنِي المنذريُّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي فِي قَوْله: أيضرُّ الغبْطُ، فَقَالَ: نعم كَمَا يضرُّ الخَبْطُ، قَالَ: الغبْطُ: الحسدُ، قلت: وَقد فرَّق الله جلّ وَعز بَين الغبْطِ والحسدِ بِمَا أنزلهُ فِي كِتَابه لمن تَدَبَّره واعتبره فَقَالَ: {وَلَا تَتَمَنَّوْاْ مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ} الْآيَة، إِلَى قَوْله: {وَاسْأَلُواْ اللَّهَ مِن فَضْلِهِ} (النِّسَاء: ٣٢) فَفِي هَذِه الْآيَة بيانُ أَنه لَا يجوز للرجل أَن يتمنَّى إِذا رأى على أَخِيه الْمُسلم نعْمَة أنعمَ الله بهَا عَلَيْهِ أَن تُزْوَى عَنهُ ويُؤْتاها، وجائزٌ لَهُ أَن يتمنَّى من فضل الله مثلهَا بِلَا ثَمَنٍ لزِيِّها عَنهُ، فالغبط أَن يرى المغبوط فِي حالةٍ حسنةٍ فيتمنى لنَفسِهِ مثل تِلْكَ الْحَالة الحسنةِ، من غير أَن يتَمَنَّى زَوالها عَنهُ، وَإِذا سَأَلَ الله مثلهَا فقد انْتهى إِلَى مَا أمره الله بِهِ ورضيه لَهُ، وَأما الْحَسَد فَهُوَ أَن يبغيه الغوائلَ على مَا أُوتِيَ من النِّعمة والغبْطَةِ ويجتهد فِي إِزَالَتهَا عَنهُ بغياً وظلماً.

وَمِنْه قَوْله جلّ وَعز: {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَآءَاتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ} (النِّسَاء: ٥٤) .

وَأما قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لَا حَسَد إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ، رجل آتَاهُ الله قُرْآنًا، فَهُوَ يتلوه آنَاء اللَّيْل وَالنَّهَار، وَرجل آتَاهُ الله مَالا فَهُوَ يُنْفِقهُ آنَاء اللَّيْل وَالنَّهَار) ، فَإِن أَبَا الْعَبَّاس سُئِلَ عَن قَوْله: لَا حسد إِلا فِي اثْنَتَيْنِ، فَقَالَ: مَعْنَاهُ: لَا حسد فِيمَا يضر، إلاّ فِي هَاتين الخصلتين وَهُوَ كَمَا قَالَ إِن شَاءَ الله.

وَقد مضى تَفْسِير الْحَسَد مشبعاً فِي بَابه، وَيُقَال: اللَّهُمَّ غَبْطاً لَا هَبْطاً، وَمَعْنَاهُ: إِنَّا نسألُك نعْمَة نُغْبَطُ بهَا، وألَاّ تُهْبِطنَا من الْحَالة الْحَسَنَة إِلَى حالةٍ سيِّئةٍ، وَيُقَال مَعْنَاهُ: اللَّهُمَّ ارتفاعاً لَا اتضاعاً وَزِيَادَة من فضلك لَا حَوْراً ونقصاً.

اللَّيْث: ناقةٌ غَبوطٌ، وَهِي الَّتِي لَا يعرفُ طِرْقُها حَتَّى تُغْبَطَ أَي تجَسَّ بِالْيَدِ.

قَالَ: والْغِبْطَةُ: حسنُ الْحَال، يُقَال: هُوَ مُغْتَبِطٌ: أَي فِي غِبطَةٍ، وَجَائِز أَن تَقول: هُوَ مُغْتَبَطٌ بِفَتْح الباءِ، وَقد اغتَبَطَ فَهُوَ مُغْتَبِطٌ واغتُبِطَ فَهُوَ مُغْتَبَطٌ، كل ذَلِك

<<  <  ج: ص:  >  >>