للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وَمن هَذِه الطَّبَقَة: أَبُو عبد الله إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن عَرَفة الملقب بنِفْطَويه: وَقد شاهدته فألفيتُه حَافِظًا للغات ومعاني الشّعْر ومقاييس النَّحْو، ومقدَّماً فِي صناعته. وَقد خدمَ أَبَا الْعَبَّاس أحمدَ بن يحيى وَأخذ عَنهُ النَّحْو والغريب، وعُرِف بِهِ.

وَإِذ فَرغْنَا من ذكر الْأَثْبَات المتقنين، والثقات المبرِّزين من اللغويين، وتسميتهم طبقَة طبقَة، إعلاماً لمن غَبِيَ عَلَيْهِ مكانُهم من الْمعرفَة، كي يعتمدوهم فِيمَا يَجدونَ لَهُم من المؤلفات المرويَّة عَنْهُم، فلنذكر بعقب ذكرهم أَقْوَامًا اتَّسموا بسمة الْمعرفَة وَعلم اللُّغَة، وألَّفوا كتبا أودعوها الصَّحِيح والسَّقيم، وحشَوْها ب (المزال المُفْسَد) ، والمصَّحف المغيّر، الَّذِي لَا يتميّز مَا يصحّ مِنْهُ إلاّ عِنْد النِّقاب المبرِّز، والعالم الفطِن، لنحذِّر الأغمار اعتمادَ مَا دوَّنوا، والاستنامةَ إِلَى مَا ألَّفوا.

فَمن الْمُتَقَدِّمين: اللَّيْث بن المظفر: الَّذِي نَحَلَ الْخَلِيل بن أَحْمد تأليف كتاب (الْعين) جملَة لينفِّقه باسمه، ويرغِّب فِيهِ مَنْ حوله. وأُثبتَ لنا عَن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم الحنظليّ الْفَقِيه أَنه قَالَ: كَانَ اللَّيْث بن المظفَّر رجلا صَالحا، وَمَات الْخَلِيل وَلم يفرغ من كتاب (الْعين) ، فأحبَّ اللَّيْث أَن ينفِّق الكتابَ كلَّه، فسمَّى لِسَانه الْخَلِيل، فَإِذا رَأَيْت فِي الْكتاب (سَأَلت الْخَلِيل بن أَحْمد) ، أَو (أَخْبرنِي الْخَلِيل بن أَحْمد) فَإِنَّهُ يَعْنِي الْخَلِيل نفسَه. وَإِذا قَالَ: (قَالَ الْخَلِيل) فَإِنَّمَا يَعْنِي لِسَان نَفسه. قَالَ: وَإِنَّمَا وَقع الِاضْطِرَاب فِي الْكتاب من قِبَل خَلِيل اللَّيْث.

قلت: وَهَذَا صحيحٌ عَن إِسْحَاق، رَوَاهُ الثِّقَات عَنهُ.

وَأَخْبرنِي أَبُو الْفضل الْمُنْذِرِيّ أَنه سَأَلَ أَبَا الْعَبَّاس أَحْمد بن يحيى عَن كتاب (الْعين) فَقَالَ: ذَاك كتابٌ مَلَىْ غُدَدْ قَالَ: وَهَذَا كَانَ لفظ أبي الْعَبَّاس، وحقُّه عِنْد النَّحْوِيين ملآن غُدَداً. وَلَكِن أَبَا الْعَبَّاس كَانَ يُخَاطب عوامّ النَّاس على قدر أفهامهم، أَرَادَ أَن فِي كتاب (الْعين) حروفاً كَثِيرَة أُزيلت عَن صورها ومعانيها بالتصحيف والتغيير، فَهِيَ فَاسِدَة كفساد الغدد وضَرِّها آكلَها.

وَأَخْبرنِي أَبُو بكر الْإِيَادِي عَن بعض أهل الْمعرفَة أَنه ذكر كتاب الليثِ فَقَالَ: ذَلِك كتابُ الزَّمْنَى، وَلَا يصلح إلاّ لأهل الزوايا.

قلت: وَقد قَرَأت كتاب (الْعين) غيرَ مرَّة، وتصفّحته تَارَة بعد تَارَة، وعُنيتُ بتتبُّع مَا صُحِّف وغُيِّر مِنْهُ، فَأَخْرَجته فِي مواقعه من الْكتاب وأخبرت بِوَجْه الصحَّة فِيهِ، وبيَّنت وَجه الْخَطَأ، ودللت على مَوْضع الصَّوَاب مِنْهُ، وستقف على هَذِه الْحُرُوف إِذا تأمَّلْتَها

<<  <  ج: ص:  >  >>