(معجِّزين) وَقَالَ الْفراء: من قَرَأَ {مُعَاجِزِينَ} (الحَجّ: ٥١) فتفسيره معاندين. وَقَالَ بَعضهم: مسابقين، وَهُوَ قَول الزّجاج. وَمن قَرَأَ معجِّزين فَالْمَعْنى مثبِّطين عَن الْإِيمَان بهَا، من الْعَجز وَهُوَ نقيض الحَزْم. وَأما الإعجاز فَهُوَ الْفَوْت، وَمِنْه قَول الْأَعْشَى:
فَذَاك وَلم يُعجِزْ من الْمَوْت رَبَّه
وَلَكِن أَتَاهُ الموتُ لَا يتأبّقُ
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: إنّه ليُعاجِز إِلَى ثقةٍ، إِذا مالَ إِلَيْهِ. وَيُقَال فلانٌ يُعاجز عَن الحقِّ إِلَى الْبَاطِل، أَي يلجأ إِلَيْهِ. وَيُقَال هُوَ يُكارز إِلَى ثقةٍ مُكارَزةً، إِذا مَال إِلَيْهِ.
وَرُوِيَ عَن عَليّ ح أَنه قَالَ: (لنا حقٌ إنْ نُعْطَهُ نأخذْه، وَإِن نُمنَعْه نركبْ أعجاز الْإِبِل وَإِن طَال السُّرى) . القتيبيُّ: أعجاز الْإِبِل: مآخيرها، جمع عَجُز، وَهُوَ مركب شاقّ. قَالَ: وَمَعْنَاهُ إِن مُنِعنا حَقَّنا ركبْنا المشقَّة وصَبَرنا عَلَيْهِ وَإِن طَال، وَلم نَضجَرْ مِنْهُ مُخِلِّين بحقِّنا.
قلت: لم يُرد عليّ ح بقوله هَذَا ركوبَ المشقَّة، ولكنّه ضربَ أعجازَ الْإِبِل مثلا لتقدُّم غَيره عَلَيْهِ وتأخيره إِيَّاه عَن حقِّه، فَيَقُول: إِن قُدِّمنا للْإِمَامَة تقدّمنا، وَإِن مُنِعْنا حقَّنا مِنْهَا وأخِّرنا عَنْهَا صَبرنَا على الأثَرة علينا وَإِن طَالَتْ الْأَيَّام.
وَفِي كَلَام بعض الْحُكَمَاء: (لَا تَدَبَّروا أعجازَ أمورٍ قد ولَّت صُدورها) ، يَقُول: إِذا فاتك الْأَمر فَلَا تُتبعْه نفسَك متحسِّراً على مَا فَاتَ، وتعزَّ عَنهُ متوكِّلاً على الله.
وَقَالَ اللَّيْث: الْعَجُوز: الْمَرْأَة الشيخة، وَالْفِعْل عَجُزت تعجُز عَجْزاً.
قلت: وروى أَبُو عبيد عَن الكسائيّ: عجَّزت المرأةُ فَهِيَ معجِّز. قَالَ: وَبَعْضهمْ عَجَزَتْ بِالتَّخْفِيفِ. وَقَالَ ابْن السّكيت: عجَزت عَن الْأَمر أعجِز عَنهُ عَجْزاً ومَعجَزة. قَالَ: وَقد يُقَال عَجِزَتِ الْمَرْأَة تَعْجَز، إِذا عظُمت عجيزتها. وعجَّزت تعجّز تعجيزاً، إِذا صَارَت عجوزاً. قَالَ: وامرأةٌ معجَّزَة: ضخمة العجيزة. قَالَ يُونُس: امْرَأَة معجِّزة: طعنت فِي السنّ. وَامْرَأَة معجَّزة: ضخمة العجيزة. وَقَالَ ابْن السّكيت: تعجّزت البعيرَ، إِذا ركبت عَجُزَه.
وَأَخْبرنِي أَبُو الْفضل عَن أبي الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ، قَالَ رجل من بني ربيعَة بن مَالك: (إنْ الحقَّ بقَبَلٍ فَمن تعدَّاه ظَلَم، وَمن قَصَّر عَنهُ عَجَز، وَمن انْتهى إِلَيْهِ اكْتفى) قَالَ: لَا أَقُول عَجِزَ إلاّ من العجيزة، وَمن الْعَجز عَجَز. وَقَوله (بقَبَلٍ) أَي يَضِحُ لَك حَيْثُ ترَاهُ. وَهُوَ مثل قَوْلهم (إنّ الحقَّ عارِي) .
قلت: وَالْعرب تَقول لامْرَأَة الرجل وَإِن كَانَت شابّة: هِيَ عَجوزُهُ، وَللزَّوْج وَإِن كَانَ حَدثا: هُوَ شَيْخُها.
وَقلت لامرأةٍ من الْعَرَب: حالِبِي زوجَكِ. فتذَّمَّرتْ وَقَالَت: هلاّ قلت: حالبي شَيخكِ؟
وَيُقَال للخمر إِذا عَتُقت عَجُوز.
وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه قَالَ: الْكَلْب: مِسْمَار مَقبِض السَّيْف. قَالَ: وَمَعَهُ آخرُ يُقَال لَهُ العَجوز.
وَقَالَ اللَّيْث: الْعَجُوز: نصل السَّيْف.
قلت: وَالْقَوْل مَا قَالَ ابْن الْأَعرَابِي. قَالَ: والعجوز: القِبْلة. والعجوز: الْبَقَرَة.