لتصديقِ ذلكَ.
قَالَ: وَتَكون قَدْ فِي موضعٍ تشبهُ رُبمَا، وَعِنْدهَا تميلُ قَدْ إِلَى الشكِّ، وذلكَ إنْ كَانَت مَعَ الياءِ والتَّاءِ وَالنُّون وَالْألف فِي الْفِعْل كَقوْلكَ قَدْ يكونُ الَّذِي تَقول.
وَقَالَ النحويون: الفعلُ الْمَاضِي لَا يكون حَالا إلَاّ بقدْ مُظْهراً أَو مُضْمراً، وَذَلِكَ مثلُ قَول الله جلَّ وعزَّ: {أَوْ جَآءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ} (النِّسَاء: ٩٠) ، وَلَا تكونُ حصرتْ حَالا إلَاّ بإضمار قَدْ.
وَقَالَ الفرَّاء فِي قَول الله جلَّ وعزَّ: {كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنتُمْ أَمْوَاتًا} (الْبَقَرَة: ٢٨) ، الْمَعْنى: وقَدْ كُنْتُم أَمْوَاتًا، ولَوْلَا إضمارُ قَدْ لم يجزْ مِثلُهُ فِي الكلامِ، أَلا ترى أنَّ قَوْله فِي سُورَة يوسفَ (٢٧) : {وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ فَكَذَبَتْ} ، أنَّ المعنَى فَقَدْ كذَبَتْ.
قلتُ: وأمَّا الحالُ فِي الْمُضَارع فهوَ سائغٌ دونَ قَدْ ظَاهرا وَمضمراً.
الحرانيُّ عَن ابْن السّكيت: الْقَدُّ: جِلْدُ السخلَةِ.
يُقَال فِي مثلٍ: مَا يجعلُ قَدَّك إِلَى أديمكَ، أَي: مَا يجعلُ الشيءَ الصَّغِير إِلَى الْكَبِير قَالَ: والقَدُّ أَيْضا مصدرُ قَدَدْتُ السّير أقُدُّهُ قَدّاً، والقِدُّ الَّذِي تخصفُ بِهِ النّعالُ.
وَقَالَ الله: {ذَلِكَ كُنَّا طَرَآئِقَ} (الْجِنّ: ١١) .
قَالَ الْفراء يَقُول حِكَايَة عَن الجنّ: كُنّا فرقا مُخْتلفةً أهْواؤنَا.
وَقَالَ الزجاجُ قَوْله: {رَشَداً وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ كُنَّا طَرَآئِقَ قِدَداً} (الْجِنّ: ١١) ، قَالَ: قِدَداً: مُتَفرِّقينَ، أَي: كُنَّا جماعاتٍ مُتَفَرّقين مُسلمين وَغير مسلمينَ.
قَالَ: وَقَوله: {رَهَقاً وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُوْلَائِكَ تَحَرَّوْاْ رَشَداً} (الْجِنّ: ١٤) ، هَذَا تفسيرُ قولهمْ {ذَلِكَ كُنَّا طَرَآئِقَ} (الْجِنّ: ١١) .
وَقَالَ غَيره: قِدَدٌ جَمعُ قِدَّة مثلُ قطعةٍ وَقطع.
وَقَالَ اللَّيْث: القَدُّ قطْعُ الجِلْدِ وشقُّ الثوبِ وَنَحْو ذَلِك، وتقولُ فلانٌ حسنُ القدِّ فِي قَدْرِ خَلْقِه، وشيءٌ حسنُ القدِّ أَي حَسنُ التَّقطيعِ.
قَالَ: والقِدُّ سيرٌ يُقَدُّ من جلدٍ غير مدبوغ، والقِدَّةُ القطعةُ من الشَّيْء، وصارَ القومُ قِدَداً: تَفرَّقتْ أهواؤُهم، والتَّقدِيدُ فعلُ القَدِيدُ، وضَرَبه بالسيفِ فَقدَّهُ بِنِصْفَيْن، والقَيْدُودُ: النَّاقةُ الطَّوِيلَةُ الظهرِ، يقالُ: اشْتِقاقهُ منَ القودِ مثلُ الكينونةِ منْ الْكَوْن كَأَنَّهَا فِي ميزَان فَيعولٍ وهيَ فِي اللَّفظ مثلُ فَعْلولٍ وَإِحْدَى الدّالين من القيدودِ زائدةٌ.
قَالَ: وَقَالَ بعض أَصْحَاب التصريف: إِنَّمَا أرادَ تَثْقيل فَيعُولٍ بِمَنْزِلَة حَيدٍ وَحَيدُودٍ.
وَقَالَ آخَرُونَ: بل ترك على لفظ كونونةٍ، فَلَمَّا قَبُحَ دُخولُ الواوينِ والضماتِ حوَّلوا