للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَقَالَ لبيدٌ:

وإِذا جُوزِيتَ قرضا فاجْزِه

إِنَّمَا يَجْزِي الْفَتى ليسَ الجَمل

وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: أَقْرَضْتُ فلَانا، وَهُوَ مَا تعطيه لِيَقْضِيكَهُ، وكلُّ أمرٍ يتجازى بِهِ الناسُ فِيمَا بَينهم فَهُوَ من القروضِ.

وَفِي حَدِيث النَّبِي، أَنه حَضَره الْأَعْرَاب وهم يسألونَ شَيْئا أعلينا حَرَجٌ فِي كَذَا، فَقَالَ: (عبادَ اللَّهِ رَفَعَ اللَّهُ عنّا الحَرَجَ إِلَّا مَنْ اقترضَ امْرأ مُسلما ظلما فَذَلِك الَّذِي حَرِجَ) ، قَوْله: اقْتَرَضَ مُسْلِماً أَي: نَالَ مِنْهُ وعابَه وقطعهُ بالغِيبةِ والبهتان، وَأَصله من قَرْضِ القطعِ، يُقَال: قَرَضَهُ واقترضهُ بِمَعْنى واحدٍ إِذا وقعَ فِيهِ ونال مِنْهُ.

ورُوِي عَن أبي الدَّرْدَاء أَنه قَالَ: إِن قارَضْت الناسَ قارَضُوكَ وَإِن تَركتهم لم يتركوك، ثمَّ قَالَ: أَقْرِضْ من عِرْضِكَ ليومِ فَقْرِكَ، وَمعنى قولهِ: إِنْ قارَضْتَهُمْ قارَضوك، يَقُول: إنْ سابَبْتَهُمْ سابُّوك وجازَوْكَ، وَيكون القِراضُ فِي الْعَمَل السيءِ والقولِ السَّيِّءِ يقصدُ بِهِ الرجلُ صَاحبه.

قَالَ أَبُو عبيد: وأصلُ القَرْضِ القَطْعُ وأَظُنُّ قَرْضَ الفأرِ مِنْهُ لِأَنَّهُ قطْعٌ، وَقَوله: أَقرِضْ من عِرْضِكَ ليَوْم فقرك، يقولُ إِذا اقْتَرَضَ رجلٌ عرْضَكَ بِكَلَام يَسوءُكَ ويحزنك فَلَا تجازِهِ حَتَّى يبْقى أجرُ مَا ساءَكَ بِهِ لِيَوْمِ فقرك إليهِ فِي الْآخِرَة.

وَمعنى قولِ أبي الدَّرْداءِ: إِنْ قارضتَهُمْ قارضوكَ يَقُول: إنْ فعلتَ بهم سوءا فعلوا بك مثلَهُ، وَإِن تركتَهُمْ لم تسلم مِنْهُم وَلم يدعوكَ، فَإِذا فعلوا ذلكَ ابْتِدَاء فَدَعْهُ ليَوْم الْجَزَاء، والقرضُ أَيْضا قرضُ الشِّعر، وَلِهَذَا سُمِّيَ الشِّعْرُ القريضَ، والبعيرُ يقرِضُ جِرَّتَهُ وَهُوَ مضغُها وردُّها إِلَى الكَرشِ، والجِرَّةُ المقْرُوضة هِيَ القريضُ.

وَمن أَمثالِ العربِ: حالَ الجَريضُ دونَ القريضِ.

قَالَ أَبُو عبيد: وَقَالَ الْأَصْمَعِي: والْجَريضُ: الْغَصَصُ.

قَالَ: وَهَذَا المثلُ لِعَبِيدِ بن الأبرصِ قَالَه للمنذر حينَ أَرَادَ قَتله، فَقَالَ أَنْشدني قَوْلك. فَقَالَ عَبِيدٌ: حالَ الجَريضُ دونَ القريضِ.

قَالَ أَبُو عبيد: وَقَالَ الْأَصْمَعِي: الجريضُ: أَن يَجْرَضَ نَفسه إِذا قضى.

يُقَال: هُوَ يَجْرَضُ بنفسهِ، أَي: يكَاد يقْضِي.

وَمِنْه قيلَ: أفْلَتَ جَرِيضاً، وقيلَ: الجَرِيضُ: الغُصَّةُ والقَرِيضُ: الْجِرَّةُ.

وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن الرياشي أَنه قَالَ: القَرِيضُ والجَرِيضُ يحدُثانِ بالإنسان عندَ الموتِ، فالجَريضُ تَبَلِّعُ الرِّيقِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>