للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لمّا اسْتبانت أَنَّ صَاحبهَا ثَوَى

حَلَقَتْ وعلّتْ رأْسها بِسِقابِ

كَانَت الْمَرْأَة فِي الْجَاهِلِيَّة إِذا مَاتَ زَوجهَا حَلقتْ رَأسهَا وخَمَشَت وَجْهها وحمَّرَتْ قطنةً من دَمِ نَفسهَا ووَضَعتْها على رَأسهَا وأخرجَت قطنَها مِنْ خَرْق قناعها لتُعْلِم النَّاس أَنَّهَا مصابة ويسمَّى ذَلِك السِّقاب.

سبق: قَالَ اللَّيْث: السَّبْق: القُدْمَةُ فِي الجَري وَفِي كلِّ أَمْر، تقولُ لَهُ: فِي هَذَا الْأَمر سُبْقةٌ وسابقةٌ وسَبْق، والجميع الأسباق، والسوابق.

ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: السَبْق: مصدرُ سَبَقَ سَبْقاً، والسبَق بِفَتْح الْبَاء: الخَطَر الَّذِي يوضع فِي النِّضال والرِّهان فِي الْخَيْل فَمن سَبق أَخَذه.

قَالَ: وَيُقَال: سبَّق إِذا أَخذ السبَق، وسبَّق إِذا أَعطى السَّبَق، وَهَذَا من الأَضْداد.

وَقَالَ مُحَمَّد بن سلاّم: العربُ تَقول للَّذي يَسْبِق من الْخَيل سَابق وسَبُوق، وَإِذا كَانَ يُسْبَق فَهُوَ مُسَبَّق.

وَقَالَ الفرزدق:

مِن المحْرِزينَ المَجْدَ يومَ رِهانِه

سَبُوق إِلى الغايات غيرُ مُسَبَّق

وَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لَا سَبَق إِلا فِي خُفَ أَو حافِرٍ أَو نَصْلٍ) ، فالْخُفُّ: الْإِبِل، والحافرُ: الْخَيْلُ، والنَّصْلُ: الرَّمْيُ.

وَفِي حَدِيث آخر: (مَنْ أدْخَلَ فَرَساً بَيْن فرسين فإنْ كانَ يُؤْمَنُ أنْ يُسْبَقَ فَلا خَيْرَ فيهِ وإنْ كانَ لَا يُؤْمَنُ أَن يسبقَ فَلَا بأسَ بهِ) .

قَالَ أَبُو عبيد: والأصلُ فيهِ أَن يسْبق الرجُلُ صَاحبه بشيءٍ مُسمًّى على أَنه إِن سبق فَلَا شَيءَ لَهُ، وَإِن سبقهُ صَاحبه أخذَ الرَّهنَ، فَهَذَا هُوَ الحلالُ لأنَّ الرَّهنَ مِن أحدِهمَا دون الآخر، فَإِن جعل كلُّ واحدٍ مِنْهُمَا لصاحبهِ رَهناً أَيهمَا سبق أخذَهُ فَهَذَا القمارُ المنهيُّ عنهُ، فَإِن أَرَادَا تحليلَ ذَلكَ جعلَا معهمَا فَرَساً ثَالِثا لِرَجُلٍ سواهُمَا، وَيكون فَرَسُهُ كفئاً لفَرَسيْهِما، وَيُسمى الْمُحَلّل والدَّخيلَ، فيضعُ الرَّجُلانِ الْأَوَّلَانِ رهنين منْهُمَا، وَلَا يضعُ الثَّالثُ شَيْئا، ثمَّ يُرسلونَ الأفراسَ الثلاثَةَ فإنْ سبق أحدُ الْأَوَّلين أخَذَ رَهنهُ وَرهن صَاحبه فكانَ طيبا لهُ، وإنْ سبق الدخيلُ أخذَ الرَّهنينِ جَمِيعًا وَإِن سُبِق لم يغرم شَيْئا، فَهَذَا معنى الحَدِيث.

أَبُو مَنْصُور: وَقد جاءَ الاسْتِبَاق فِي كتابِ اللَّهِ فِي ثَلاثَةِ مواضعَ بمعاني مُخْتلفةٍ مِنْهَا قولهُ عزَّ وجلَّ: {إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ} (يُوسُف: ١٧) .

قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: الْمَعْنى: ذَهَبْنَا ننْتَضِلُ فِي الرَّمي.

وَقَالَ: {وَاسُتَبَقَا الْبَابَ} (يُوسُف: ٢٥) ، مَعْنَاهُ: تبادَرا إِلَى البابِ، تبادَرَ كلُّ وَاحِد

<<  <  ج: ص:  >  >>