دِيَة كل وَاحِد مِنْهُمَا لمن قَتلهمَا أَو أسرهما. قَالَ: فَبينا أَنا جَالس فِي مجْلِس قومِي بني مُدْلج، أقبل مِنْهُم رجل، فَقَامَ على رؤُوسنا، فَقَالَ: يَا سُرَاقة إِنِّي رَأَيْت آنِفا أسْوِدة بالسَّاحل، لَا أُراها إِلَّا مُحَمَّدًا وَأَصْحَابه. قَالَ: فَعرفت أَنهم هم، فَقلت: إِنَّهُم لَيْسُوا بهم، وَلَكِنَّك رَأَيْت فلَانا وَفُلَانًا، انطَلقوا بغاةً. قَالَ: ثمَّ لبِثْت فِي الْمجْلس سَاعَة، ثمَّ قُمْت فَدخلت بَيْتِي، وَأمرت جاريتي أَن تخرج لي فرسي وتحبسها من وَرَاء أكلمة.
قَالَ: ثمَّ أخذت رُمْحِي فَخرجت بِهِ من ظهر الْبَيْت فخفضت عالية الرمْح، وحططت رُمْحِي فِي الأَرْض، حَتَّى أتيت فرسي فركبتها ورفعتها تُقرّبُ بِي حَتَّى رَأَيْت أسودتهما، فَلَمَّا دَنَوْت مِنْهُم حَيْثُ يُسمعهم الصَّوْت، عثرت بِي فرسي فَخَرَرْت عَنْهَا وأهويت بيَدي إِلَى كِنَانَتِي وأخرجت مِنْهَا الأزلام فاسْتقسمْتُ بهَا، أأضيرهم أم لَا، فَخرج الَّذِي أكره، أَن لَا أضيرهم، فعصيت الأزلام وَركبت فرسي، فرفَّعْتُها تُقَرّبُ، حَتَّى إِذا دَنَوْت مِنْهُم، عثرت فرسي، وخَرَرْتُ مِنْهَا. قَالَ: فَفعلت ذَلِك ثَلَاث مَرَّات، إِلَى أَن ساخت يدا فرسي فِي الأَرْض حَتَّى بلغتا الرُّكْبَتَيْنِ.
فِي حَدِيث فِيهِ طول، قلت: وَهَذَا الحَدِيث يبين لَك، أَن الأزلام، قِداح الْأَمر وَالنَّهْي، لَا قِدَاح الميسر.
وَقد قَالَ المؤرّج، وَجَمَاعَة من أهل اللُّغَة: إنّ الأزلام قداح الميسر وَهُوَ وَهم.
وَقَالَ ابْن السّكيت، يُقَال: هُوَ يَقسِمُ أمرهُ قَسْماً، أَي: يُقَدِّرُهُ، ينظرُ كَيفَ يعملُ فيهِ.
وَأنْشد للبيد:
فقولَا لَهُ إِن كَانَ يقسِمُ أمرَهُ
ألَمَّا يَعِظْكَ الدهرُ أُمُّكَ هابِلُ
وَيُقَال: قَسَمَ فلانٌ أَمْرَهُ أَي: مَيَّلَ فِيهِ، أَيفعلُ أَم لَا يفعل.
أَبُو عبيد عَن الْفراء: القَسِمَةُ: الوجهُ.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: مَا بَين الْعَينَيْنِ قَسِمةٌ.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: القسمةُ: أعالي الْوَجْه.
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن المبَرِّد قَالَ: زَعَمَ أَبو عُبَيْدَة أَن القسِماتِ مَجارِي الدُّموعِ واحدتها قَسِمَةٌ.
قَالَ: وَيُقَال: من هَذَا رجلٌ قسيمٌ ومقسَّم وأَنشد:
كأنَّ دَنانيراً على قَسِماتهم
وَإِن كانَ قد شفَّ الْوُجُوه لقاءُ
أَبُو عبيد: القَسامُ: الحسْنُ، وَكَذَلِكَ القَسامَةُ.
وَقَالَ اللَّيْث: القسيمةُ: المرأةُ الجميلةُ.
وَقَالَ عنترة: