أَمر، لأنّه أَمرٌ قَاطع حَتْم.
وَمِنْه الْإِعْلَام، وَهُوَ قَوْله: {وَقَضَيْنَآ إِلَى بَنِى إِسْرَاءِيلَ فِى الْكِتَابِ} (الْإِسْرَاء: ٤) ، أَي: أعلمناهم إعلاماً قَاطعا.
وَمِنْه الْقَضَاء الفَصْلُ فِي الحكم، وَهُوَ قَوْله جلّ وَعز: {بَيْنَهُمْ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى لَّقُضِىَ} (الشورى: ١٤) ، أَي: لفُصِل الحكم بَينهم.
وَمثل ذَلِك قَوْلهم: قد قَضَى القَاضِي بَين الخُصوم، أَي: قد قَطع بَينهم فِي الحكم.
قَالَ: ومِن ذَلِك قد قَضَى فلانٌ دَيْنَه، تَأْوِيله قد قَطَع بالعَزيمة عَلَيْهِ وأدَّاه إِلَيْهِ، وقَطع مَا بَينه وبينَه.
وكلُّ مَا أُحكِم فقد قُضِيَ.
تَقول: قد قضيتُ هَذَا الثوبَ، وَقد قضيتُ هَذِه الدارَ: إِذا عَمِلْتَها وأحكمت عَملهَا.
قَالَ أَبُو ذُؤَيْب:
وَعَلَيْهِمَا مسرودتان قضاهما
داودُ أَو صَنَعُ السَّوابغِ تُبَّعُ
وَمِنْه قَوْله جلّ وعزّ: {طَآئِعِينَ فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِى يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِى كُلِّ سَمَآءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَآءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظاً ذَلِكَ} (فصلت ١٢) ، أَي: فَخَلَقهن وعَملهنَّ وصَنَعهنَّ.
قَالَ اللَّيْث: تَقول: قضى الله عهدا، مَعْنَاهُ: الوصيّة.
وَبِه يفسَّر: وقضينا إِلَى بني إِسْرَائِيل.
قَالَ: وَقضى، أَي: حكم، وقضَى فلانٌ صلَاته، أَي: فرغ مِنْهَا.
وَقضى عبرتَه، أَي: أخرجَ كلّ مَا فِي رَأسه.
وَقَالَ أَوْس:
أم هَل كَبِير بَكَى لم يقضِ عَبرتَه
إِثْر الأحبّةِ يومَ البينِ معذورُ
أَي: لم يخرج كل مَا فِي رَأسه.
وَقَالَ أَبُو بكر: قَالَ أهل الْحجاز: القَاضِي فِي اللُّغَة مَعْنَاهُ: الْقَاطِع للأمور الْمُحكم لَهَا.
قَالَ الله: فقضاهنَّ سبع سمواتٍ فِي يَوْمَيْنِ، أَرَادَ فقطعهنَّ وَأحكم خلقهنَّ.
قَالَ: وَالْقَضَاء بِمَعْنى الْعَمَل.
قَالَ الله تَعَالَى: {فَاقْضِ مَآ أَنتَ قَاضٍ} (طه: ٧٢) مَعْنَاهُ: فاعملْ مَا أَنْت عَامل. وَالْقَضَاء: الحكم. وَالْقَضَاء: الْأَمر.
قَالَ الله تَعَالَى: {وَقَضَى رَبُّكَ} (الْإِسْرَاء: ٢٣) ، أَي: أَمر رَبك.
وَقَالَ اللَّيْث فِي قَوْله: {عِبَادِىَ الشَّكُورُ فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَاّ دَابَّةُ الَاْرْضِ تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَن} (سبأ: ١٤) ، أَي: أَتَى عَلَيْهِ.
قَالَ: والانقضاء: ذَهاب الشَّيْء وفَناؤه، وَكَذَلِكَ التَقضِّي.
وَأما قَوْله جلّ وَعز: {ثُمَّ اقْضُو صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
١٧٦٤ - اْ إِلَىَّ وَلَا تُنظِرُونَ} (يُونُس: ٧١) .
فَإِن أَبَا إِسْحَاق قَالَ: ثمَّ افعلوا مَا تُرِيدُونَ.
وَقَالَ الْفراء فِي قَوْله: {ثُمَّ اقْضُو صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
١٧٦٤ - اْ إِلَىَّ} ،