للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لأنَّها صِلاب. قَالَ: وَقَوله (ذُو فيئة) يَقُول: لَهُ مَرجوع. وَلَا يكون ذَلِك إلاّ من صلابته؛ وَهُوَ أَن يُطعم الْبَعِير النَّوى، ثمَّ يفتّ بعره فَيخرج مِنْهُ النَّوَى يُعلَفه مرّة أُخْرَى، وَلَا يكون ذَلِك إلاّ من صلابته. قَالَ: وَقَوله (معجوم) يُرِيد أَنه نوى الفمِ، وَهُوَ أَجود مَا يكون من النَّوَى؛ لِأَنَّهُ أَصْلَب من نوى النَّبِيذ الْمَطْبُوخ.

قَالَ: وخطب الْحجَّاج يَوْمًا فَقَالَ: (إنّ أَمِير الْمُؤمنِينَ نكب كنانتَه فعَجَم عيدانها عُوداً عُوداً، فوجدني أمرَّها عوداً) ، يُرِيد أَنه قد رازَها بأضراسه ليمتحنَ صلابتها. وَقَالَ النَّابِغَة:

فضلَّ يَعجُم أَعلَى الرَّوقِ منقبضاً

أَي يعضّ أعْلى قَرنه وَهُوَ يقاتله.

وَيُقَال فلانٌ صُلب المَعْجمة، وَهُوَ الَّذِي إِذا جرّستْه الأمورُ وُجِد صلباً.

شمر عَن ابْن الْأَعرَابِي: نَاقَة ذَات مَعْجَمة، أَي ذَات صلابة وشِدّة. وَأنْشد بَيت المرّار:

جمالٌ ذَات معجمةٍ ونوقٌ

عَواقدُ أمسَكتْ لَقحاً وحُولُ

وَقَالَ غَيره: ذَات مُعْجمَة، أَي ذَات سِمَن. وَأنْكرهُ شمر.

وَقَالَ اللَّيْث: يَقُول الرجل للرجل: طَال عهدي بك، مَا عجمَتْك عَيْني مُنْذُ كَذَا وَكَذَا، أَي مَا أخذَتْك. وَقَالَ اللحياني: رَأَيْت فلَانا فجعلَتْ عَيْني تَعجمُه، أَي كأنّها لَا تعرفه وَلَا تمْضِي فِي مَعْرفَته كأنّها لَا تُثبته. وَقَالَ أَبُو دَاوُد السِّنْجيّ: رَآنِي أعرابيٌّ فَقَالَ لي: تعجُمك عَيْني، أَي يتخيَّل إليّ أنِّي رَأَيْتُك. قَالَ: وَنظرت فِي الْكتاب فعجَمتُ، أَي لم أقفْ على حُرُوفه. وَأنْشد:

على أنّ الْبَصِير بهَا إِذا مَا

أعَار الطرفَ يَعجُم أَو يَفِيلُ

واستعجَمتْ على المصلِّي قراءَتُه، إِذا لم تَحضُره.

وَالْإِبِل تسمَّى عواجمَ وعاجماتٍ لِأَنَّهَا تعجُم الْعِظَام. وَمِنْه قَوْله:

وكنتُ كعظم العاجمات اكتَنفْنَهُ

وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: فحلٌ أعجم: يهدر فِي شِقشقةٍ لَا ثُقْب لَهَا، فَهِيَ فِي شدقه لَا يَخْرجُ الصَّوتُ مِنْهَا. وهم يستحبّون إرسالَ الْأَخْرَس فِي الشَّول؛ لِأَنَّهُ لَا يكَاد يكون إلاّ مئناثاً.

قَالَ: والعَجَمات: صخور تنْبت فِي الأودية. وَقَالَ أَبُو دُوَاد:

عذبٌ كَمَاء المُزْنِ أَن

زلَه من العَجماتِ باردْ

يصف ريقَ جاريةٍ بالعُذوبة.

ورُوي عَن أمّ سَلمَة أَنَّهَا قَالَت: (نَهَانَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن نَعجُم النَّوى طَبْخاً) ، وَهُوَ أَن يُبالغَ فِي طبخه وإنضاجه حتّى يتفتّت النَّوَى وَيفْسد. قَالَ القتيبيّ: مَعْنَاهُ أَنه أَن يُبَالغ فِي طبخه وإنضاجه. قَالَ: وَرَأى أَن تُؤْخَذ حلاوته عفوا، يَعْنِي حلاوة التَّمْر وَلَا يبلغ فِي ذَلِك النَّوَى، إمّا لِأَنَّهُ قوتٌ للدواجن فَيذْهب قوّته إِذا أنضج، أَو لأنّه يُفْسِد طعم السُّلَافة.

وَقَالَ ابْن الأعرابيّ فِيمَا روى عَنهُ أَب

<<  <  ج: ص:  >  >>