نفخاً قَوِيّاً. واقتَتْ لَهَا نفخكَ قِيتةً، يَأْمُرهُ بالرِّفق والنّفخ الْقَلِيل.
لقَوْل ذِي الرُّمّة:
فقلتُ لَهُ خُذها إِلَيْك وأَحْيِها
برُوحِكَ واقتَتْهُ لَهَا قِيتةً قَدْرا
وَقَالَ الْفراء فِي قَول الله جلّ وعزّ: {وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ مُّقِيتاً} (النِّسَاء: ٨٥) ، المُقِيتُ: المقتدِر والمقدِّر، كَالَّذي يُعطِي كلَّ رجلٍ قُوتَه.
وَجَاء فِي الحَدِيث: (كَفَى بالرجُل إِثْمًا أَن يضيِّع مَنْ يَقُوت) و (يُقِيت) .
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: وحَلَفَ العُقَيْلِيّ يَوْمًا فَقَالَ: (لَا وقائتِ نَفَسِي القَصير) قَالَ: هوَ مِن قَوْله:
يَقْتاتُ فضْلَ سَنامها الرَّحْلُ
قَالَ: والاقتيات والقُوتُ وَاحِد.
قلت: معنى قَوْله: (وقائتِ نَفَسي) أَرَادَ بنَفَسه رُوحَه، وَالْمعْنَى: أنّه يَقْبِض رُوحَه نَفَساً بَعد نفَسٍ حَتَّى يَتوفّاه كلّه.
وَقَوله:
يَقْتاتُ فضلَ سَنامِها الرَّحْلُ
أَي: يأخذُ الرَّحْلُ وَأَنا راكبُ شَحْمَ سَنامِ هَذِه الناقةَ قَلِيلا قَلِيلا حَتَّى لَا يَبقَى مِنْهُ شيءٌ، لِأَنَّهُ يُنْضِيها.
وَقَالَ الزّجاج فِي قَوْله وجلّ وعزّ: {وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ مُّقِيتاً} .
قَالَ: قَالَ بَعضهم: المُقِيتُ: القَدِير.
وَأنْشد الفرّاء:
وَذي ضغن كَفَفْت النفسَ عَنهُ
وكنتُ على إساءَته مُقيتا
أَي: مقتدراً. وَقيل: المُقيتُ: الحفيظ.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق: هُوَ عِنْدِي بالحفيظ أشبَه، لأنَّه مُشتقّ من القَوْت.
يُقَال: قُتُّ الرجلَ أقوتُه قَوْتاً: إِذا حَفِظْتَ نفْسَه بِمَا يَقُوتُه. والقُوتُ: اسمُ الشَّيْء الَّذِي يَحفظ نفْسه وَلَا فضلَ فِيهِ على قَدْر الحِفظ.
فَمَعْنَى الْمقِيت، وَالله أعلم: الحَفيظ الَّذِي يُعطِي الشيءَ قَدْرَ الْحَاجة مِن الْحِفْظ.
وَأنْشد:
أَلِيَ الفضلُ أم عليَّ إِذا حُو
سبتُ إنِّي على الْحساب مُقيتُ
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: المقيت عِنْد الْعَرَب: الْمَوْقُوف على الشَّيْء. وَأنْشد هَذَا الْبَيْت.
وَقَالَ آخر:
ثمَّ بعدَ المماتِ ينشرني من
هُوَ على النشْرِ يَا بُنيَّ مُقيتُ
أَي: مقتدر.
وَقت: قَالَ اللَّيْث: الوَقْتُ: مقدارٌ من الزَّمَان. وكلُّ شيءٍ قَدَّرْتَ لَهُ حِيناً فَهُوَ موَقّت، وَكَذَلِكَ مَا قدَّرْتَ غايتَه فَهُوَ موَقَّت. والميقات: مَصْدَرُ الْوَقْت.