(مَرْيَم: ٣٤) فَهَذَا مِن هَذَا، كَأَنَّهُ قَالَ: قولُ الْحق.
وَقَالَ الْفراء: القال بِمَعْنى القَول، مِثل العَيْب والعاب.
قَالَ: وقولُه: (الْحق) ، فِي هَذَا الْموضع أريدَ بِهِ اللَّهُ، كَأَنَّهُ قَالَ: قولُ الله.
وَأَخْبرنِي المنذريُّ عَن الْمفضل بن سَلمَة عَن أَبِيه عَن الْفراء: أَنه قَالَ فِي قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ونَهيه عَن قيلَ وقالَ وَكَثْرَة السُّؤَال قَالَ: فكانتا كالاسمين، وهما منصوبتان، وَلَو خُفِضتا على أَنَّهُمَا أُخرجتا من نِيَّة الْفِعْل إِلَى نِيَّة الْأَسْمَاء كَانَ صَوَابا، كَقَوْلِهِم: أعييتني من شُبْ إِلَى دُبَّ، وَمن شُبَ إِلَى دُبَ.
وَقَالَ اللَّيْث: تَقول الْعَرَب: كثر فِيهِ القِيلُ والقال.
وَيُقَال: إِن اشتقاقهما من كَثْرَة مَا يَقُولُونَ قَالَ وَقيل لَهُ.
وَيُقَال: بل هما اسمان مشتقان من القَوْل.
وَيُقَال: قيلٌ على بِنَاء فِعْلٍ، وقُيلَ على بِنَاء فُعِلَ، كِلَاهُمَا من الْوَاو، وَلَكِن الكسرة غَلَبَتْ فقلبت الْوَاو يَاء.
وَكَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى: {الْمُتَكَبِّرِينَ وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْاْ رَبَّهُمْ إِلَى الّجَنَّةِ زُمَراً حَتَّى إِذَا} (الزمر: ٧٣) .
وَقَالَ غَيره: الْعَرَب تقولُ للرجل إِذا كَانَ ذَا لسانٍ طُلُق: إِنَّه لِابْنِ قولٍ وَابْن أَقْوَال.
وَقَالَ الْفراء: بَنو أَسد يَقُولُونَ قَول وَقيل بِمَعْنى وَاحِد. وَأنْشد:
وابتذَلتْ غَضْبَى وأمُّ الرَّحَّالْ
وقُولَ لَا أهلٌ لَهُ وَلَا مالْ
بِمَعْنى وَقيل.
شمر عَن أبي زيد يُقَال: مَا أحسنَ قِعلك وقَوْلك، ومقالك ومقالَتك، وقالك: خَمْسَة أوجه.
قلت: وسمعتُ بعض الْعَرَب يَقُول للناقة الَّتِي يُشرب لَبنهَا نصفَ النَّهَار قَيْلة، وهنَّ قَيْلاثى، للِّقاح الَّتِي يحْتلبونها وقتَ القائلة.
وأنشدني أَعْرَابِي:
مَا ليَ لَا أَسقي حُبَيِّباتي
وهُنّ يومَ الوِرْد أمهاتي
صبائحي غِبائقي قَيْلاتي أَرَادَ بحبيِّباته إبِله الَّتِي يسقيها يومَ وِردِها وَيشْرب أَلْبَانهَا، جعلهنَّ كأمَّهاته اللَّاتِي أرضعنه.
وَقَالَ اللَّيْث: القَيلولة: نَومَةُ نصف النَّهَار، وَهِي القائلة: وَقد قَالَ يقيل مقيلاً. والمقيل أَيْضا: الْموضع.
قَالَ: وَقَالَت قريشٌ للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قبل أَن فَتَح الله عَلَيْهِ الفُتوح: إِنَّا لأكرم مُقَاماً وأحسنُ مَقيلاً. فَأنْزل الله: {) أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُّسْتَقَرّاً وَأَحْسَنُ مَقِيلاً} (الْفرْقَان: ٢٤) .
وَقَالَ الْفراء: قَالَ بعض الْمُحدثين: يرْوى