خَرِق فَلم يدنُ للصَّيد: عَرِشَ وعَرِسَ.
شعر: قَالَ الله تبَارك وَتَعَالَى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَءَامَنُواْ لَا تُحِلُّواْ شَعَآئِرَ اللَّهِ} (المَائدة: ٢) قَالَ الْفراء: كَانَت العربُ عامّةً لَا يرَوْنَ الصّفا والمروةَ من الشعائر، وَلَا يطوفون بَينهمَا، فَأنْزل الله جلّ وعزّ: {لَا تُحِلُّواْ شَعَآئِرَ اللَّهِ} (المَائدة: ٢) ، أَي لَا تستحلُّوا تَركَ ذَلِك وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: شَعَائِر الله وَاحِدهَا شعيرَة، وَهِي مَا أُشعرَ ليُهدَى إِلَى بَيت الله وَقَالَ الزّجاج: شَعَائِر الله يُعنَى بهَا جَمِيع متعبَّدات الله الَّتِي أشعرَها الله، أَي جعلهَا أعلاماً لنا، وَهِي كلُّ مَا كَانَ من موقفٍ أَو مسعًى أَو ذِبْح. وإنّما قيل شَعَائِر الله لكلِّ عَلَمٍ مِمَّا تُعُبِّد بِهِ لأنَّ قَوْلهم شَعَرت بِهِ: علمتُه، فَلهَذَا سمِّيت الْأَعْلَام الَّتِي هِيَ متعبَّداتُ الله شَعَائِر.
وَأما إِشْعَار الهَدْي فإنّ أَبَا عبيدٍ روى عَن الْأَصْمَعِي أنّه قَالَ: إِشْعَار الهَدْي هُوَ أَن يُطعَن فِي أسنمتها فِي أحد الْجَانِبَيْنِ بمبضعٍ أَو نَحوه بِقدر مَا يسيل الدَّم، وَهُوَ الَّذِي كَانَ أَبُو حنيفَة يكرههُ، وزعَمَ أنّه مُثْلة وسنّة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أولى بالاتِّباع.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: الْإِشْعَار: الْإِعْلَام. والشِّعار: العَلَامة. قَالَ: وَلَا أرى مشاعر الحجّ إلاّ من هَذَا لأنَّها علاماتٌ لَهُ.
وَفِي حَدِيث آخر أَن جِبْرِيل أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ لَهُ: (مُرْ أمَّتَك أَن يرفعوا أصواتَهم بِالتَّلْبِيَةِ فإنَّها من شِعار الحجّ) . وَمِنْه شِعار العَساكر، إنّما يَسِمُون لَهَا عَلامَة ينصبونها ليعرف بهَا الرجل رُفقَتَه.
وَفِي حَدِيث آخر أَن شعار أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ: يَا منصورُ أمِتْ أَمِتْ
وَرُوِيَ عَن عمر بن الْخطاب أنَّ رجلا رمى الجمرةَ فَأصَاب صَلَعَتَه بحجرِ فَسَالَ الدَّم فَقَالَ رجل: أُشعِر أميرُ الْمُؤمنِينَ ونادى رجل آخر: يَا خَليفَة، وَهُوَ اسْم رجلٍ، فَقَالَ رجل من بني لِهْبٍ: ليُقتَلَنَّ أَمِير الْمُؤمنِينَ. فرجَع فقُتِل فِي تِلْكَ السَّنة. ولِهْبٌ: قَبيلَة من الْيمن فيهم عِيافةٌ وزَجْر، وتشاءم هَذَا اللِّهبي بِقول أُشعِرَ أميرُ الْمُؤمنِينَ فَقَالَ ليقْتلن. وَكَانَ مُراد الرجل أَنه أُعلِمَ بسيلان الدمِ عَلَيْهِ من الشُّجّة، كَمَا يُشعَر الْهَدْي، وَذهب بِهِ اللِّهبيُّ إِلَى الْقَتْل؛ لأنّ الْعَرَب كَانَت تَقول للملوك إِذا قُتلوا: أُشعِروا.
وَكَانُوا يَقُولُونَ فِي الْجَاهِلِيَّة: دِيَة المُشعَرة ألفُ بعير، يُرِيدُونَ دِيَة الْمُلُوك. فلمّا قَالَ الرجل أُشعِر أَمِير الْمُؤمنِينَ جعله اللِّهبيُّ قتلا فِيمَا توجَّه لَهُ من علم العيافة، وَإِن كَانَ مُراد الرجل أَنه دُمِّيَ كَمَا يدمَّى الهديُ إِذا أُشعِر.
وروى شمر بإسنادٍ لَهُ عَن بَعضهم أَنه قَالَ: (لَا سَلَبَ إلاّ لمن أشعَرَ عِلْجاً، فأمّا من لم يُشعِرْ فَلَا سَلَبَ لَهُ) : قَالَ شمر: قَوْله إلاّ لمن أشعرَ عِلجاً، أَي طعنه حتّى دخَل السنانُ جَوفَه. قَالَ: والإشعار: الإدماء بطعن أَو رمي أَو وَجْءٍ بحديدة. وَأنْشد لكثيِّر:
عَلَيْهَا ولمّا يبلغَا كلَّ جهدها
وَقد أشعرَاها فِي أظل ومَدْمَعِ
أشعراها: أدمياها وطعناها وَقَالَ الآخر:
يَقُول للمُهْر والنُّشَّابُ يُشعره
لَا تَجزعَنَّ فشرُّ الشَّيمة الجزُع
قَالَ: وَمِنْه إِشْعَار الْهَدْي. وَدخل التَّجُوبيّ