للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وَقَالَ الْفراء: كم وكأين لُغَتَانِ، ويصحبهما من، فَإِذا ألقيت من كَانَ فِي الِاسْم النكرَة وَالنّصب والخفض. من ذَلِك قَول الْعَرَب: كم رجل كريم قد رَأَيْت، وَكم جَيْشًا جرار قد هزمت. فهذان وَجْهَان: ينصبان ويخفضان وَالْفِعْل فِي الْمَعْنى وَاقع. فَإِن كَانَ الْفِعْل لَيْسَ بواقع وَكَانَ للاسم جَازَ النصب أَيْضا بواقع وَكَانَ للاسم جَازَ النصب أَيْضا والخفض، وَجَاز أَن تعْمل الْفِعْل فَترفع فِي النكرَة، فَتَقول: كم رجل كريم قد أَتَانِي، ترفعه بِفِعْلِهِ، وتعمل فِيهِ الْفِعْل إِن كَانَ وَاقعا عَلَيْهِ فَتَقول: كم جَيْشًا جرارا قد هزمت، فتنصبه بهزمت. وأنشدونا:

(كم عمَّة لَك يَا جرير وَخَالَة ... فدعاء قد حلبت عَليّ عشاري)

فدعاء قد حلبت عَليّ عشاري رفعا ونصبا وخفضا. فَمن نصب قَالَ: كَانَ أصل كم الِاسْتِفْهَام، وَمَا بعْدهَا من النكرَة مُفَسّر كتفسير الْعدَد، فتركناها فِي الْخَبَر على مَا كَانَت عَلَيْهِ فِي الِاسْتِفْهَام فنصبنا مَا بعْدهَا من النكرات، كَمَا تَقول: عِنْدِي كَذَا وَكَذَا درهما. وَمن خفض قَالَ: طَالب صُحْبَة من للنكرة فِي كم، فَلَمَّا حذفناها أعملنا إرادتها. وَأما من رفع فأعمل الْفِعْل الآخر وَنوى تَقْدِيم الْفِعْل كَأَنَّهُ قَالَ: كم قد أَتَانِي رجل كريم. وَقَالَ اللَّيْث: الْكمّ: كم الْقَمِيص. والكمة من القلانس: والكمام: شَيْء يَجْعَل على فَم الْبَعِير أَو البرذون. والكم: كم الطّلع. وَلكُل شَجَرَة مثمرة كم، وَهُوَ برعومته. وَقَالَ شمرك كمام العذوق: الَّتِي تجْعَل عَلَيْهَا وَاحِدهَا كم. وَأما قَول الله جلّ وَعز: {وَالنَّخْل ذَات الأكمام} [الرَّحْمَن: ١١] ، فَإِن الْحسن قَالَ: أَرَادَ سبائب الليف زينت بهَا. وَقَالَ شمر: الكمة: كل ظرف غطيت بِهِ شَيْئا وألبسته إِيَّاه فَصَارَ لَهُ كالغلاف. وَمن ذَلِك أكمام الزَّرْع: غلفها الَّتِي تخرج مِنْهَا. وَقَالَ الزّجاج فِي قَوْله: {وَالنَّخْل ذَات الأكمام} [الرَّحْمَن: ١١] . قَالَ: عَنى بالأكمام مَا غطى. وكل شَجَرَة تخرج مَا هُوَ مكمم فَهِيَ ذَات أكمام. وأكمام النَّخْلَة: مَا غطى جمارها من السعف والليف والجذع. وكل مَا أخرجته النَّخْلَة فالطلعة كمها قشرها. وَمن هَذَا قيل للقلنسوة كمة، لِأَنَّهَا تغطي الرَّأْس. وَمن هَذَا كَمَا الْقَمِيص لِأَنَّهُمَا يغطيان الْيَدَيْنِ. وَقَالَ شمر فِي قَول الفرزدق.

(يعلق لما أَعْجَبته أتانه ... بأرآد لحييها جِيَاد الكمائم)

يُرِيد جمع الكمامة الَّتِي يَجْعَلهَا على منخرها لِئَلَّا يؤذيها الذُّبَاب. والمكموم من العذوق: مَا غطي بالزبلان عِنْد الإرطاب ليبقى ثَمَرهَا غضا وَلَا ينقرها الطير وَلَا يُفْسِدهَا الحرور.

<<  <  ج: ص:  >  >>