بيا. وَإِنَّمَا هِيَ قرى نسبت إِلَى رجالٍ.
وَقد رُوِيَ عَن مُعَاوِيَة أَنه قَالَ: (أهْلُ الكُفُور هم أهلُ القُبور) .
(قلت) : أَرَادَ بالكفور الْقرى النائية عَن الْأَمْصَار ومجتمع أهل الْعلم وَالْمُسْلِمين، فالجهل عَلَيْهِم أغلب، وهم إِلَى البِدع والأهواء المضِلة أسْرع.
وَيُقَال: كافَرَني فلانٌ حَقي إِذا جَحده حقَّه والكفَّارَاتُ سمِّيت كفاراتٍ لِأَنَّهَا تُكفِّرُ الذنوبَ أَي تستُرها مِثل كَفَّارَة الْأَيْمَان، وَكَفَّارَة الظِّهَارِ، والقَتل الْخَطَأ، قد بَينهَا الله جلّ وَعز فِي كِتَابه وَأمر بهَا عباده.
وَأما الحُدودُ فقد رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (مَا أدْري: الحدودُ كفاراتٌ لأَهْلهَا أمْ لَا) .
وَرُوِيَ غير ذَلِك، وكافُورُ الطَّلعةِ:
وِعاؤها الَّذِي يَنشَقُّ عَنْهَا، سمي كافوراً لِأَنَّهُ قد كفرها أَي غَطَّاها.
وروى أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي أَنه قَالَ: الكافُور: وِعاء طَلْعِ النّخْل.
قَالَ وَيُقَال لَهُ: قَفُورٌ.
قَالَ: وَهُوَ الكفُرَّى، والجُفُرَّى.
(أَبُو عبيد عَن الْفراء) قَالَ: الكفِرُ: العظيمُ من الجِبال، وَأنْشد:
تَطلّعَ رَيَّاهُ من الكفِرَاتِ
وَقَالَ أبوعبيد: التكفيرُ: أنْ يضعَ الرجلُ يَديهِ على صَدْره وَأنْشد قَول جرير:
وَإِذا سمعتَ بحرْبِ قَيسٍ بعْدَها
فَضَعُوا السِّلاحَ وكَفِّروا تكْفيرا
واخْضُعوا وانقَادُوا.
حدّثنا الْحُسَيْن بن إِدْرِيس قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن مُوسَى الحَرشيُّ الْبَصْرِيّ قَالَ: أخبرنَا حَمَّاد بن زيد قَالَ: حَدثنَا أَبُو الصَّهْبَاء عَن سعيد بن جُبَير عَن أبي سعيد الخُدْري، رفَعه قَالَ: (إِذا أصبح ابنُ آدمَ فَإِن الْأَعْضَاء تكَفِّرُ كلهَا للسانِ، تَقول: اتقِ الله فِينَا، فَإِن استقمتَ استقمنا، وَإِن اعوجَجْت اعوجَجْنا) ، وَقَوله تكفِّر كلهَا للسان أَي تذلُّ وتقرّ بِالطَّاعَةِ لَهُ، وتخضع لأَمره، والتكفير أَيْضا: أَن يتكفر المحاربُ فِي سلاحه، وَمِنْه قَول الفرزدق:
حَرْبٌ تردّدُ بَينهَا بتشاجُرٍ
قد كفّرَتْ آباؤها أبناؤها
رفع أبناؤها بقوله: تَرَدّدُ، وَرفع قَوْله: آباؤها. بقوله قد كَفّرَتْ أَي كفرت آباؤها فِي السِّلَاح.