للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بِمَعْنى الْإِصْلَاح. وَهَذَا الْحَرْف من الأضداد. وَأنْشد للطِرمّاح:

شَتَّ شَعبُ الحيِّ بعد التئامْ

وشجاكَ اليومَ رَبعُ المُقَامْ

إنّما هُوَ شَتَّ الْجَمِيع وَمِنْه شَعْب الصَّدع فِي الْإِنَاء، إنّما هُوَ إصلاحُه وملاءمته وَنَحْو ذَلِك.

وَقَالَ ابْن السّكيت فِي الشّعب إِنَّه يكون بمعنيين: يكون إصلاحاً، وَيكون تفريقاً.

وَقَالَ أَبُو عبيد: قَالَ أَبُو زيد: يُقَال أقَصَّته شَعوبُ إقصاصاً، إِذا أشرف على الْمنية ثمَّ نجا، وشَعوبُ: اسْم المنيّة معرفةٌ لَا تَنْصَرِف.

أَخْبرنِي المنذريّ عَن أبي الْهَيْثَم: يُقَال شعَبتْه شَعوبُ فأشعَبَ، أَرَادَ بشعوب الْمنية. فأشعَبَ، أَي مَاتَ.

وَقَالَ ابْن السّكيت: أشعبَ الرجلُ، إِذا ماتَ أَو فارقَ فِراقاً لَا يرجع. وَقَالَ غَيره: انشعبَ الرجلُ، إِذا مَاتَ. وَأنْشد:

لاقَى الَّتِي تشعَبُ الْأَحْيَاء فانشعبا

وَقَالَ اللَّيْث: الشَّعْب: الصَّدْع الَّذِي يشعبه الشَّعَّاب. والمِشْعَب: مِثقَبُه. والشُّعْبة: الْقطعَة الَّتِي يُوصَل بهَا الشَّعب من القَدَح.

قَالَ وَيُقَال أشعبَه فَمَا يَنْشعِب، أَي مَا يلتئم. قَالَ: والتأم شَعب بني فلانٍ، إِذا كَانُوا متفرِّقين فَاجْتمعُوا. قَالَ: وَيُقَال تفرَّق شَعبُهم. وَهَذَا من عجائب كَلَامهم.

قَالَ: وانشعبَ الطريقُ، إِذا تفرَّق. وانشعَبَ النَّهر، وانشعبت أغصانُ الشَّجَرَة. قَالَ: وَيُقَال هَذِه عَصاً فِي رَأسهَا شُعبتانِ.

قلت: وسماعي من الْعَرَب عَصا فِي رَأسهَا شُعبان بِغَيْر تَاء.

وَرُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (إِذا قَعَد الرجلُ من الْمَرْأَة بَين شُعَبها الْأَرْبَع اغتسلَ) ، وَقَالَ بعضُهم: شُعَبها الْأَرْبَع: يداها ورجلاها، كُنِي بِهِ عَن الْإِيلَاج. وَقَالَ غَيره: شُعَبها الْأَرْبَع: رجلاها وشُفْرا فرجهَا كنَّى بذلك عَن تغييبه الْحَشَفَة فِي فرجهَا.

وَقَالَ اللَّيْث: شُعَب الْجبَال رؤوسها. وأقطارُ الْفرس: شُعَبُه، وَهِي عُنقُه ومَنْسِجهُ وَمَا أشرف مِنْهُ. وَأنْشد:

أشمُّ خنذيذٌ منيفٌ شُعَبُه

وشُعَب الدَّهْر: حالاته. وَأنْشد قَول ذِي الرمّة:

وَلَا تَقَسَّمَ شَعباً وَاحِدًا شُعَبُ

أَي ظننتُ ألاّ يتقسَّم الْأَمر الواحدَ أمورٌ كَثِيرَة.

قلت: لم يجوِّد الليثُ فِي تَفْسِير الْبَيْت. وَمَعْنَاهُ أنّه وصف أَحيَاء كَانُوا مُجْتَمعين فِي الرَّبيع، فلمَّا قَصَدوا المَحاضرَ تقسَّمتهم الْمِيَاه. وشُعَب الْقَوْم: نِيَّاتُهم فِي هَذَا الْبَيْت، وَكَانَت لكلّ فرقةٍ مِنْهُم نيَّةٌ غير نيَّة الآخرين، فَقَالَ: مَا كنت أظنُّ أنّ نيّات مُخْتَلفَة تفرِّق نيّةً مجتمعة. وَذَلِكَ أنَّهم كَانُوا فِي منتواهم ومنتجعهم مُجْتَمعين على نيّة وَاحِدَة، فلمَّا هاجَ العُشبُ ونَشَّت الغُدرانُ توزَّعتْهم المحاضر، فَهَذَا معنى قَوْله:

<<  <  ج: ص:  >  >>