كَثِيرَة شَدِيدَة.
وَقيل: إِن مثل ذَلِك قَول ابْن مُقبل:
وَرَجْلَةٍ يضرِبونَ البيَضَ عَن عُرُضٍ
ضَرْباً تواصَت بِهِ الأبطالُ سِجِّينا
قَالَ: وسِجِّينٌ وسجِّيلٌ بِمَعْنى وَاحِد.
وَقَالَ بَعضهم: سِجِّيلُ من سَجَلْتُه أَي أرسلتُه، فَكَأَنَّهَا مُرَسَلَةٌ عَلَيْهِم.
ورُوي عَن مُحَمَّد بن عليَ أَنه قَالَ فِي قَول الله جلّ وَعز: {للهتُكَذِّبَانِ هَلْ جَزَآءُ الإِحْسَانِ إِلَاّ} (الرحمان: ٦٠) . قَالَ هِيَ مُسْجَلَةٌ للبَرِّ والفاجر.
وَقَوله مُسْجَلَةٌ أَي مُرسَلةٌ لم يُشترطْ فِيهَا بَرٌّ وَلَا فَاجر.
يَقُول: فالإحسان إِلَى كلِّ أحدٍ جزاؤُه الإحسانُ، وَإِن كَانَ الَّذِي يصطَنِعُ إِلَيْهِ فَاجِرًا.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق: قَالَ بَعضهم: سِجِّيل من أسجَلتُ إِذا أعطيتَ، وَجعله من السِّجْلِ.
وَأنْشد بَيت اللَّهبيِّ:
من يُسَاجِلْنِي يُسَاجِل ماجِداً
يَمْلأُ الدِّلوَ إِلَى عقدِ الكَرَب
وَقيل: من سِجِّيلٍ كَقَوْلِك: من سجلَ أَي مَا كُتب لَهُم.
وَهَذَا القَوْل إِذا فسِّر فَهُوَ أَبْيَنُها لِأَن فِي كتاب الله دَلِيلا عَلَيْهِ.
قَالَ الله: {الْعَالَمِينَ كَلَاّ إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِى} {سِجِّينٍ وَمَآ أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ} {سِجِّينٌ كِتَابٌ مَّرْقُومٌ} (المطففين: ٧، ٩) .
وسِجِّيلٌ فِي معنى سِجِّينٍ، الْمَعْنى أَنَّهَا حجارةٌ مِمَّا كتب الله أَنه يعذِّبهُم بهَا، وَهَذَا أحسن مَا مر فِيهَا عِنْدِي.
وَقَالَ غَيره: دَلْوٌ سَجِيْلَةٌ أَي ضَخْمَةٌ.
وَقَالَ الراجز:
خُذها وأعطِ عَمَّكَ السَّجيله
إِن لم يَكُن عَمُّك ذَا حَلِيلَهْ
وَفِي الحَدِيث: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَمر بصَبِّ سَجْلٍ على بَوْل أعرابيَ) . والسَّجْلُ: أعظمُ مَا يكون من الدِّلاءِ، وَجمعه: سِجَالٌ.
قَالَ لبيد:
يُحِيْلُونَ السِّجَالِ على السِّجَالِ
والمُسَاجَلَةُ: مأخوذةٌ من السَّجْلِ.
وَفِي حَدِيث أبي سُفْيَان: (أَن هِرَقْلاً سَأَلَهُ عَن الحربِ بَينه وَبَين النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ لَهُ: (الحربُ بَيْننَا سِجَالٌ) ، وَمَعْنَاهُ أَنا نُدالُ عَلَيْهِ مرّة، ويُدَالُ علينا أُخْرَى، وَأَصله أَن المُسْتَقِيَيْنِ بسَجْلَينِ من الْبِئْر يكونُ لكلِّ وَاحِد مِنْهُمَا سَجْلٌ أَي دَلوٌ ملأى مَاء) .
وَقَالَ اللَّيْث: السَّجيلُ من الضُّروع: الطَّوِيل.
والخُصيَةُ السَّجيلةُ: المسترخيةُ الصَّفَنِ.