للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ورَجلٌ جَرِيم، وامْرأة جَريمَةٌ: ذاتُ جِرْم وجِسْم.

قَالَ: وجِرْمُ الصَّوت: جَهَارَتُه، تَقول: مَا عَرَفتُه إِلَّا بِجِرْم صَوْته.

قَالَ: والجُرْمُ مَصْدَرُ الجارِم الَّذِي يَجْرِمُ نَفسَه وقَوْمَه شَرّاً، وفلانٌ لَهُ جَرِيمَةٌ إليَّ: أَي جُرْمُ، وَقد جَرَمَ وأَجْرَمَ جُرْماً وإِجْراماً، إِذا أَذْنَب. والجارم: الْجانِي، والمجرمُ، والمذْنِب، وَقَالَ:

وَلَا الْجارِمُ الجانِي عَلَيْهِم بمُسْلَمِ

وَقَول الله جلّ وعزَّ: {وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَن صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَن تَعْتَدُواْ وَتَعَاوَنُواْ} (الْمَائِدَة: ٢) .

قَالَ الفَراء: القُرّاء قَرءوا: {وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ} ، وَقرأَهَا يَحيى بن وثّاب، والأعْمَش: {وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ} ، من أَجْرَمْتُ، وَكَلَام الْعَرَب بفَتْح الْيَاء.

وَجَاء فِي التَّفْسير: وَلَا يَحْمِلَنَّكُم بُغْضُ قَوْمٍ.

قَالَ: وسَمِعْتُ العربَ تَقول: فلانٌ جَرِيمَةُ أَهْلِه، يُريدون كاسِبَهم، وخَرَجَ يَجْرِمُ قومه، أَي يكسِبهم، فَالْمَعْنى فِيهَا مُتَقارب لَا يَكْسِبَنَّكُمْ بُغْضُ قَوْم أَنْ تَعْتَدوا.

وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق: يُقَال: أَجْرَمَني كَذَا، وجَرَمني وجَرَمت وأَجْرَمت بِمَعْنى وَاحَد.

وَقد قيل: لَا يُجْرِمَنَّكم: لَا يُدْخِلَنَّكُم فِي الجُرْم. كَمَا يُقَال: أَثَمْتُه، أَي أَدْخَلْتُه فِي الْإِثْم.

وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس قَالَ الْأَخْفَش فِي قَوْله: {وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ} (الْمَائِدَة: ٢) أَي لَا يُحِقَّنَّ لكم لِأَن قَوْله: {لَا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ الْنَّارَ} (النَّحْل: ٦٢) ، إنّما هُوَ حَقٌّ أَنَّ لَهُم النّار.

وَأنْشد:

جَرَمَتْ فَزارَةُ بَعْدَها أَن يَغْضَبُوا

يَقُول: حُقَّ لَهَا.

قَالَ أَبُو الْعَبَّاس: أمّا قَوْله لَا يُحقَّنَّ لكم، فَإِنَّمَا أَحْقَقْتُ الشَّيْءَ إِذَا لم يَكُن حَقّاً، فَجَعَلته حَقّاً وإِنَّما معنى الْآيَة وَالله أعلم فِي التَّفسير: لَا يَحْمِلنّكم وَلَا يَكْسِبَنَّكُم.

وَأَخْبرنِي المُنْذِرِيّ عَن الحُسَين بنُ فهم عَن مُحمد بن سَلام عَن يُونُس فِي قَوْله: {وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ} ، قَالَ: لَا يَحْمِلَنَّكُمْ، وأَنْشَد بيتَ أبي أَسمَاء.

وَأما قَوْلهم: لَا جَرَمَ، فَإِن الفَرّاء زَعَم أَنها كلمة كَانَت فِي الأصْل وَالله أعلم بِمَنْزِلَة لَا بُدّ، وَلَا مَحالة، فكَثُر اسْتِعمالها حَتَّى صَارَت بِمَنْزِلَة حَقّاً.

أَلا تَرى العربَ تَقول: لَا جَرَمَ لآتِينَّكَ، لَا جَرَمَ لقد أَحْسَنْت، فتراها بمنزلَةِ الْيَمين، وَكَذَلِكَ فَسَّرها الْمُفَسِّرُونَ: حَقّاً إِنَّهُم فِي الْآخِرَة هُمُ الأَخْسرون. وَأَصلهَا من جَرَمْتُ، أَي كَسَبْتُ الذَّنْب.

قَالَ الْفراء: ولَيْس قولُ من قَالَ إِن جَرَمْتُ كَقَوْلِك حُقِقْتُ أَو حَقَقْت بِشيء، وَإِنَّمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>