للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أهل اللُّغَة وَأكْثر أهل التَّفْسِير قَالُوا: النَّجم: كل مَا نَبَتَ على وَجه الأَرْض مِمَّا لَيْسَ لَهُ سَاق، وَمعنى سجودهما: دَوَران الظِّلِّ مَعَهُمَا.

وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق: قد قيل إِن النَّجم يُرَاد بِهِ النُّجُوم، وَجَائِز أَن يكونَ النَّجْم هَا هُنَا، مَا نَبت على وَجه الأَرْض، وَمَا طلع من نُجُوم السَّمَاء، وَيُقَال لكلِّ مَا طلع: قد نجمَ.

وَقَالَ الله جلَّ وعزّ فِي قصَّة إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام: {بِرَبِّ الْعَالَمِينَ فَنَظَرَ نَظْرَةً فِى النُّجُومِ فَقَالَ إِنِّى سَقِيمٌ} (الصافات: ٨٨، ٨٩) .

وأُثْبِتَ لنا عَن أَحْمد بن يحيى، أَنه قَالَ فِي قَوْله: (فَنظر نظرةً فِي النُّجوم) ، قَالَ: جمْعُ نجم، وَهُوَ مَا نَجم من كَلَامهم لمّا سأَلوه أَن يخرج مَعَهم إِلَى عِيدهم، قَالَ: ونَظَرَ هُنَا، تَفَكَّرَ لِيُدَبِّر حُجَّة، فَقَالَ: {النُّجُومِ فَقَالَ إِنِّى سَقِيمٌ} أَي سقيم من كفْرِكُم.

وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق: (فَنظر نظرةً فِي النجومِ فَقَالَ إنِّي سقيم) . قَالَ لِقَوْمِهِ وَقد رأى نَجْماً: (إِنِّي سقيمُ) أَوْهمَهم أنَّ بِهِ طاعوناً {للهإِنِّى سَقِيمٌ فَتَوَلَّوْاْ عَنْهُ} (الصافات: ٩٠) فِرَارًا من عَدْوى الطَّاعُون.

وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال للْإنْسَان إِذا تَفَكَّرَ فِي أَمر لينْظر كَيفَ يُدَبِّرُه: نظر فِي النُّجُوم.

وَقَالَ: وَهَكَذَا جَاءَ عَن الْحسن فِي تَفْسِير قَوْله: {بِرَبِّ الْعَالَمِينَ فَنَظَرَ نَظْرَةً فِى} أَي تفكر مَا الَّذِي يصرفُهم عَنهُ إِذا كلَّفُوه الْخُرُوج مَعَهم.

قَالَ: والنجومُ تجمعُ الْكَوَاكِب كلَّها، قَالَ: والنجوم وظائف الْأَشْيَاء وكلُّ وظيفَة نجْم.

قَالَ: والنجوم مَا نجم من الْعُرُوق أَيَّام الرّبيع، ترى رؤوسَها أَمْثَال المسالِّ تَشُقُّ الأَرْض شَقّا.

ونجَم النَّبَات، إِذا طلع.

وَقَالَ غَيره: يُقال جَعَلتُ مَالِي على فلَان نجوماً مُنَجَّمَة، يُؤدَّى كلُّ نجم مِنْهَا فِي شهر كَذَا، وأصل ذَلِك أَن الْعَرَب كَانَت تجْعَل مطالع منَازِل الْقَمَر ومساقطها، مواقيتَ لحلول ديونها، فَتَقول: إِذا طلع النَّجْم، وَهُوَ الثُّريا، حلَّ لي عَلَيْك مَالِي، وَكَذَلِكَ سائرُها.

قَالَ زهيرٌ يذكر دِياتٍ جُعلت نجوماً على الْعَاقِلَة:

يُنَجّمها قومٌ لقومِ غَرَامَة

وَلم يُهَرِيقُوا بَينهم ملْءُ مِحْجم

فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَام جعل الله جلَّ وعزَّ الأهِلَّةَ مَوَاقِيت لما يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ من معرفَة أوقاتِ الْحَج والصَّوم، ومَحِلِّ الدُّيُون، وسموها نجوماً فِي الدُّيُون المنَجَّمة وَالْكِتَابَة اعْتِبَارا بالرسم الْقَدِيم الَّذِي عرفوه، واحتذاءً حَذْوَ مَا أَلِفوه، وكَتبوا فِي ذكر حُقُوقهم المؤجَّلة نجوماً،

<<  <  ج: ص:  >  >>