للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَمِنْه قولُ الله جلَّ وعزَّ: {أَنْهَاراً مَّا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً} (نوح: ١٣) الْمَعْنى: مَا لكُمْ لَا تَخافون لله عَظَمة، وَمِنْه قَول الرَّاجز. أنْشدهُ الْفراء:

لَا تَرْتَجِي حِين تُلاقِي الذَّائدَا

أَسَبْعَةٌ لاقَتْ مَعاً أَوْ وَاحداً

قَالَ الْفراء: وَقد قَالَ بعضُ المفَسِّرين فِي قَول الله: {وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ} (النِّسَاء: ١٠٤) . إنَّ مَعْنَاهُ تخَافُون.

قَالَ الْفراء: وَلم نَجدْ مَعْنَى الْخوف يكونُ رَجاءً إِلَّا وَمَعَهُ جَحْد. فَإِذا كَانَ كَذَلِك كَانَ الخوفُ على جهةِ الرَّجا والْخوف، وَكَانَ الرَّجَا كَذلِكَ، كَقَوْل الله جلَّ وعزَّ: {يَتَفَكَّرُونَ قُل لِّلَّذِينَءَامَنُواْ يَغْفِرُواْ لِلَّذِينَ لَا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ لِيَجْزِىَ قَوْماً بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ} (الجاثية: ١٤) هَذِه للَّذين لَا يَخافونَ أيامَ الله.

وَكَذَلِكَ قَوْله: {أَنْهَاراً مَّا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً} (نوح: ١٣) .

وَقَالَ أَبُو ذُؤَيْب:

إِذا لسَعَتْهُ النحْل لم يَرْجُ لَسْعَتَها

وحَالَفها فِي بَيْتِ نُوبٍ عَوامِل

قَالَ: وَلَا يَجوزُ رَجوْتك وأنْتَ تُريدُ خِفتُكَ، وَلَا خِفتُكَ وَأَنت تريدُ رَجوْتُك.

وَقَالَ اللَّيْث: الرَّجا مَقصور: ناحيَةُ كلِّ شَيْء، والجميع: الأرْجاء. والاثنان: الرَّجَوَان، وَمِنْه قَول الله تَعَالَى: {وَاهِيَةٌ وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَآئِهَآ وَيَحْمِلُ عَرْشَ} (الحاقة: ١٧) أَي نواحِيها.

وَقَالَ ذُو الرمة:

بَيْنَ الرَّجا والرَّجا من جَيْبِ وَاصِيةٍ

يَهْماء خَابِطُها بالْخَوفِ مكعوم

والأرْجاءُ يُهْمزُ وَلَا يُهمز.

قَالَ ابْن السّكيت: يُقَال أَرْجَأْتُ الْأَمر وأَرْجيته، إِذا أخَّرتَهُ.

قَالَ الله جلَّ وعزَّ: {وَءَاخَرُونَ مُرْجَوْنَ لَاْمْرِ اللَّهِ} (التَّوْبَة: ١٠٦) . وقرىء: {مُرْجَوْنَ لَاْمْرِ اللَّهِ} . وقرىء: {أَرْجِهْ وَأَخَاهُ} . وقرىء: (أَرْجِئْهُ وأَخَاه) .

قَالَ: وَيُقَال هَذَا رجلٌ مُرْجِيٌّ، وهم المُرْجِئَةُ، وَإِن شِئْت قلت: مُرْجٍ، وهُم الْمرجيَة.

قَالَ: وينسبون إِلَيْهِ فِي قَول مَنْ لَا يَهمِز مُرْجِيٌّ، وَمن قَالَ بِالْهَمْز قَالَ: مُرْجَائيَّ.

وَقَالَ غَيره: إِنَّمَا قيلَ لهَذِهِ العِصَابة مُرْجئة، لأنَّهم قَدَّموا القولَ. وأَرجئوا الْعَمل. أَي أَخَّرُوه.

وَقَالَ أَبُو عَمْرو: أَرْجَأَت الْحامِلُ إِذا دَنَا أَن يَخْرُجَ وَلَدُهَا، فَهِيَ مُرْجيءٌ ومُرْجئةٌ.

وَقَالَ ذُو الرمة:

إِذا أرْجَأَتْ ماتَتْ وَحَىَ سَلِيلُها

وَيُقَال: أرْجَتْ بِغَيْر همزٍ أَيْضا.

روج: أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ: الرَّوْجةُ الْعَجَلَة.

وَقَالَ اللَّيْث: تَقول رَوَّجتُ لَهُ الدَّرَاهِم.

<<  <  ج: ص:  >  >>