اللَّهُ بَرّانيَّة، ومَنْ أفْسد جوّانيّه أفسد الله بِرانيَّة.
قَالَ شمر، قَالَ بَعْضهم: عَنَى بِجَوّانِيِّه سِرَّه، وبِبَرّانيِّة عَلَانِيَّه.
قَالَ: وجوُّ كل شَيْء بَطْنُه وداخِله، وَهُوَ الجَوّه بِالْهَاءِ أَيْضا؛ وَأنْشد قَوْله:
يَجْرِي بِجَوّتِهِ مَوْجُ الْفُرَاتِ كأَن
ضَاحِ الخُزَاعِيِّ جازَت رَنْقَه الرِّيحُ
قَالَ: جَوّتُه: بَطنُ ذَلِك الْموضع.
وَقَالَ آخر:
لَيست تَرَى حولهَا شخصا وَراكبُها
نَشْوانُ فِي جَوّةِ الْباغُوتِ مَخمورُ
قَالَ شمر، قَالَ ابْن الأعرابيّ: الْباغُوت مَوْضع، وجوَّتُه: دَاخِلُه، وَقَالَ قَتَادة فِي قَول الله: {فِى جَوِّ السَّمَآءِ} (النَّحْل: ٧٩) فِي كَبِدِ السَّمَاء، وَيُقَال كُبَيداء السَّمَاء.
جوى: قَالَ اللَّيْث: الجَوَى مَقْصُور، كلُّ داءٍ يَأْخُذُ فِي الْبَاطِن لَا يُستَمرَأَ مَعَه الطَّعَام. يُقَال: رَجلٌ جَوٍ، وَامرأةٌ جَوِيَةٌ كَمَا ترى، وَاستَجْوَينا الطّعامَ واجتَوَينَاه، وَصَارَ الاجتواء أَيْضا لما يُكرَهُ ويُبْغَض.
وَفِي الحَدِيث: (أنَّ وَفْدَ عُرْينَة قَدِمُوا الْمَدِينَة فاجتَوَوْها) .
قَالَ أَبُو عُبيد: قَالَ أَبُو زيد: (اجَتَويت الْبِلَاد إِذا كَرِهْتها، وَإن كَانَت مُوافِقَةً لَك فِي بَدَنك، واسْتَوْبَلَتها إِذا لم تُوَافِقك فِي بدنك وَإِن كنتَ مُحِبّاً لَهَا.
قلت: قَالَ أَبُو زيد فِي (نوادره) : الاجتِوَاء النزاعُ إِلَى الوَطن، وكراهَةُ الْمَكَان الَّذِي أَنْت بِهِ وَإِن كنتَ فِي نِعمة.
قَالَ: وَإِن لم تكُن نازِعاً إِلَى وَطنك فأَنت مُجتوٍ أَيْضا.
قَالَ أَبُو زيد: وَقد يكونُ الاجتَوَاءُ أَيْضا أَلا تَسْتمرىءَ الطعامَ بِالْأَرْضِ وَلَا الشَّراب، غير أَنَّك إِذا أحبَبْتَ المقامَ بهَا وَلم يُوافِقك طعامُها وَلَا شَرابُها، فأَنتَ مُسْتوبِل، ولستَ بمجتَوٍ.
قلت: جعل أَبُو زيد الاجتَوَاء على وَجْهين.
وَقَالَ ابْن بُزرْج: يُقَال للَّذي يجتَوِي الْبَلَد: بِهِ اجتِوَاء، وجوًى مَنْقوص، وَجِيةٌ.
قَالَ: وحَقَّرُوا الجِيَةَ جُيَيَّة.
حدَّثنا السعديُّ عَن الرماديّ عَن يزِيد بن هَارُون عَن الْعَوام بن حَوْشَبِ، عَن جَبَلةً بن صُحَيْم، عَن مُؤثر بن عفازة عَن عبد الله، قَالَ:
(لما كَانَت لَيْلَة أسرِي برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَقِي إِبْرَاهِيم ومُوسَى وَعِيسَى، فتذاكروا السَّاعَة، ورَدّوا الحَدِيث إِلَى عِيسَى فَذكر الدَّجال وقتلَهُ إِيَّاه، وَخُرُوج يأجُوج ومأجُوج، وإفسادهم الأَرْض، ودعاءه عَلَيْهِم فيموتون، وتَجوى الأرضُ من