وَهُوَ المُوَفَّقُ الَّذِي لَا يعاب.
قَالَ: والوَفْق المِقْدار: اللَّهُمَّ سدِّدْنا للخير، أَي: وفِّقنا لَهُ.
وَقَوله: قارِب، قَالَ القرابُ فِي الْإِبِل: أَن تقاربَها حَتَّى لَا تتَبَدَّد.
قلتُ: معنى قَوْله قارِب، أَي: لَا تُرْخِ الْإِزَار، فنُفْرِطَ فِي إسباله، وَلَا تُقلِّصه فتُفرط فِي تشميره وَلَكِن بَين ذَلِك.
قَالَ شمِر: وَيُقَال: سدِّد صاحبَك، أَي: علِّمه الخيرَ واهدِه. وسَدِّدْ مالَك، أَي: أَحسن العملَ بِهِ. والتسديد للإِبل: أَن تُيَسِّرَها لكلِّ مَكَان مَرْعًى وكل مَكَان لَيانٍ وكلِّ مكانٍ رَقاق. قَالَ: والسَّداد: القَصْد والوَفْق والإصابة، وَرجل مُسدَّد، أَي: موفَّق. وَسَهْم مسدَّد: قويم. وَيُقَال: أَسِدَّ يَا رجُل، وَقد أسدَدْتَ مَا شئتَ، أَي: طلبتَ السَّداد، وأَصبْتَه أَو لَم تُصِبه.
وَقَالَ الأسوَد بن يَعْفُر:
أَسِدِّي يَا مَنِيُّ لِحِمْيَرِي
يطوِّفُ حَوْلَنا وَله زَئير
يَقُول: اقصدِي لَهُ يَا مَنِيَّة حتّى يَمُوت. وأمّا قَوْله:
ضربَتْ عليّ الأرضُ بالأسداد
فَمَعْنَاه: سُدَّتْ عليَّ الطُّرق وعميَتْ عليَّ مَذاهبي، وَوَاحِد الأسداد سُدُّ.
ورُوي عَن الشَّعبيّ أَنه قَالَ: مَا سددتُ على خَصْم قطّ. قَالَ: وَيُقَال: سَدَّ السَّهْمُ فَسَدَّ: إِذا استقام. وسدَّدته تسديداً. انْتهى.
قَالَ: حدَّثنا مُحَمَّد بنُ إسحاقَ قَالَ: حَدثنَا إبراهيمُ بن هانىء قَالَ: حَدثنَا أَبُو الْمُغيرَة قَالَ: حَدثنَا الأَوْزاعيُّ عَن يحيى بن كثير عَن هِلَال بن أبي ميمونَة عَن عَطاء بنِ يَسار عَن رِفاعة بن عَوانة الجُهَنِيّ قَالَ: قَالَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (وَالَّذِي نَفسِي بيَدِه مَا مِن عبدٍ يُؤمِن بِاللَّه ثمَّ يُسدِّد إِلَّا سَلَك فِي الْجنَّة) ، قولُه: (ثمَّ يسدِّد) ، أَي: يقتصد فَلَا يَغْلو وَلَا يُسرِف. والسّداد: المَقصِد، وَمعنى: (لَا يَغْلو) : ألاّ يكون مِثل الخوَارِج وَلَا يُسرِف فيرتكب الذنوبَ الكثيرةَ والخطايا الجمَّة.
وَقَالَ شمر: قَالَ أَبُو عَدنان قَالَ لي جَابر: البَذِخُ الَّذِي إِذا نَازع قوما سَدَّد عَلَيْهِم كلَّ شَيْء قَالُوهُ.
قلتُ: وَكَيف يُسَدِّد عَلَيْهِم؟ قَالَ: يَنْقض عَلَيْهِم كلَّ شَيْء قَالُوهُ.
أَبُو نصر عَن الْأَصْمَعِي: يُقَال: إِنَّه ليَسُدُّ فِي القَوْل: وَهُوَ أَن يُصيب السَّداد يَعْنِي القَصْد قَالَ: جَاءنا سُدٌّ من جَراد: إِذا سَدَّ الأُفُق من كثرته. وأرضٌ بهَا سَدَدة، والواحدة سُدَّة، وَهِي أودِية فِيهَا حجارةٌ وصخورٌ يبْقى فِيهَا المَاء زَمَانا.
قَالَ: والسُّدَّةُ: بَاب الدَّار وَالْبَيْت، يُقَال: رَأَيْته قَاعِدا بسُدَّة بَابه.