للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أعسرت المرأةُ إِذا عَسُر عَلَيْهَا وِلادها. وَإِذا دُعي عَلَيْهَا قيل: أعسرتْ وآنثتْ، وَإِذا دُعي لَهَا قيل: أَيسَرت وأذكرتْ أَي وضعت ذكرا وتيسّر عَلَيْهَا الوِلاد. وَقَالَ اللَّيْث: العَسِير: النَّاقة الَّتِي اعتاطت فَلم تَحمل سَنَتها، وَقد عَسُرت، وَأنْشد قَول الْأَعْشَى:

وعسير أدماء حادرة العي

ن خَنُوفٍ عَيْرانة شِملالِ

قلت: تَفْسِير اللَّيْث للعسير أَنَّهَا النَّاقة الَّتِي اعتاطت غير صَحِيح. والعَسِير من الْإِبِل عِنْد الْعَرَب: الَّتِي اعتُسِرت فرُكِبت وَلم تكن ذُلِّلت قبل ذَلِك وَلَا رِيضت. وَهَكَذَا فسّره الأصمعيّ فِيمَا رَوَى عَنهُ أَبُو عُبَيد. وَكَذَلِكَ قَالَ ابْن السكِّيت فِي تَفْسِير قَوْله:

وروحة دنيا بَين حَيّين رحتها

أسِيرُ عَسِيراً أَو عَروضاً أروضها

قَالَ: العَسِير: النَّاقة الَّتِي رُكبت قبل تذليلها، وَأما العاسرة من النوق فَهِيَ الَّتِي إِذا عَدَت رفَعَت ذَنَبها، وَتفعل ذَلِك من نشاطها، وَالذِّئْب يفعل ذَلِك. وَمِنْه قَول الشَّاعِر:

إِلَّا عواسرُ كالقداح معيدةٌ

بِاللَّيْلِ مورد أيِّم متغضِّف

أَرَادَ بالعواسر: الذئاب الَّتِي تعسِل فِي عَدْوها وتكسّر أذنابها. وناقة عَوْسَرانية إِذا كَانَ من دأبها تكسير ذَنَبها ورفعُه إِذا عَدَت. وَمِنْه قَول الطِرِمَّاح:

عَوْسرانيّة إِذا انتفض الخِم

سُ نفاضَ الفَضِيض أيَّ انتفاضِ

الفضيض: المَاء السَّائِل، أَرَادَ أَنَّهَا ترفع ذَنَبها من النشاط وتعدو بعد عَطَشها وَآخر ظمئها فِي الخِمْس. وَزعم اللَّيْث أَن العَوْسَرانيّة والعَيْسَرانيّة من النوق: الَّتِي تُركَب من قبل أَن تُراض قَالَ: وَالذكر عَيْسُران وعَيْسَران، وَكَلَام الْعَرَب على غير مَا قَالَ اللَّيْث. وَقَالَ ابْن السّكيت: العَسْر: أَن تَعْسِر الناقةُ بذنبها أَي تشول بِهِ، يُقَال: عَسَرتْ بِهِ تعسِر عَسْراً. والعَسْر أَيْضا مصدر عَسَرته أَي أَخَذته على عُسْرة. قَالَ: والعُسْر بالضمّ من الْإِعْسَار وَهُوَ الضّيق. وَقَالَ الفرّاء: يَقُول الْقَائِل: كَيفَ قَالَ الله تَعَالَى: {بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى} (اللَّيْل: ١٠) وَهل فِي العُسْرى تيسير. قَالَ الْفراء: وَهَذَا فِي جَوَازه بِمَنْزِلَة قَول الله تَعَالَى: {وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} (التَّوْبَة: ٣) والبِشارة فِي الأَصْل تقع على المفرِّح السارّ. فَإِذا جمعت كلامين فِي خير وشرّ جَازَ التبشير فيهمَا جَمِيعًا. قلت: وتَقول قابِلْ غَرْب السانية لقائدها إِذا انْتهى الغَرب طالعاً من الْبِئْر إِلَى يَدي الْقَابِل وتمكّن من عَرَاقِيها: ألَا ويَسّر السانية أَي اعطف رَأسهَا كَيْلا تجَاوز المَنْحاة فيرتفع الغَرْب إِلَى المَحَالة والمِحْور فيتخرَّق. ورأيتهم يسمّون عَطْف السانية تيسيراً، لِمَا فِي خِلَافه من التعسير، وَيُقَال: اعتسرت الكلامَ إِذا اقتضبته قبل أَن تزوّره وتهيئه. وَقَالَ الجعديّ:

فذَرْ ذَا وعَدِّ إِلَى غَيره

فشرّ الْمقَالة مَا يُعْتسَرْ

قلت: وَهَذَا من اعتسار الْبَعِير وركوبه قبل

<<  <  ج: ص:  >  >>