للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بِهِ هَدَى الله قوما من ضلالتهم

وَقد أُعِدّت لَهُم إِذا أبلسوا سَقَرُ

لبس: قَالَ الله جلّ وعزّ: {وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِم مَّا يَلْبِسُونَ} (الْأَنْعَام: ٩) ، يُقَال: لَبَسْتُ الأمرَ على الْقَوْم ألبِسه لَبْساً: إِذا شَبهتَه عَلَيْهِم وجعلتَه مُشكِلاً، وَكَانَ رُؤَساء الكفّار يَلبِسُون على ضَعَفَتِهمْ فِي أمرِ النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا: هلاّ أنزِل إِلَيْنَا مَلَك؟ فَقَالَ الله تَعَالَى: {وَلَوْ أَنزَلْنَا مَلَكاً} (الْأَنْعَام: ٨) ، فَرَأَوْا المَلَك رَجُلاً لَكَانَ يَلحَقهم فِيهِ من اللَّبْس مِثْل مَا لَحِق ضَعَفَتَهم مِنْهُ.

وَقَالَ ابْن السكّيت: اللَّبْس: اخْتِلَاط الْأَمر، يُقَال فِي أَمرهم لَبْس. قَالَ: وَيُقَال: كُشِفَ عَن الهَوْدج لِبْسُه. قَالَ: ولِبْس الكَعبة: مَا عَلَيْهَا من اللِّباس، وَقَالَ حُميدُ بن ثَور:

فلمّا كَشَفْن اللِّبْس عَنهُ مَسَحْنَه

بأطرافِ طَفْلٍ زانَ غَيْلاً مُوَشَّمَا

يصف فرسا خدمته جواري الْحَيّ.

قَالَ: وَيُقَال: لبَسَت عَلَيْهِ الأمرَ فَأَنا أَلبِسه لَبْساً: إِذا خَلَطْتَه عَلَيْهِ حَتَّى لَا يَعرفَ جِهتَه. ولبِسْت الثوبَ ألبَسه لُبْساً. وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَّكُمْ} (الْأَنْبِيَاء: ٨٠) ، قَالُوا: هِيَ الدُّروع تُلبَس فِي الحَرْب. وثوبٌ لَبِيس: إِذا أُكثِر لُبْسه. ومُلاءَةٌ لَبِيس بِغَيْر هَاء.

وَقَالَ اللّيث: اللَّبَسة: بقْلة.

قلتُ: لَا أَعْرِف اللَّبَسَة فِي البُقول، وَلم أَسمَع بهَا لغير اللّيث. واللِّبْسة: حالةٌ من حالات اللُّبْس، ولبِستُ الثوبَ لَبْسةً وَاحِدَة، وَيُقَال: لبِستُ امْرَأَة، أَي: تمتّعت بهَا زَماناً، ولَبِستُ قوما، أَي: تملّيتُ بهم دَهْراً.

وَقَالَ الجَعْدِيّ:

لَبستُ أُناساً فأَفنَيْتُهمْ

وأفنَيْتُ بَعدَ أُناسٍ أُناسَا

وَيُقَال: ألبست الشَّيْء بِالْألف إِذا غطيته. يُقَال: ألبست السماءُ السحابَ: إِذا غَطَّتها. وَيُقَال: الْحرَّة الأَرْض الَّتِي لبستها حِجَارَة سود. ولبِست الثَّوْب لبساً. ولبَست عَلَيْهِ الْأَمر ألبِسه: إِذا خلطته.

وَقَول الله جلّ وعزّ: {جَعَلَ لَكُمُ الَّيْلَ لِبَاساً} (الْفرْقَان: ٤٧) ، أَي: تَسكُنون فِيهِ، وَهُوَ مشتمِل عَلَيْكُم. وَقَالَ فِي النِّسَاء: {هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ} (الْبَقَرَة: ١٨٧) ، قيل: الْمَعْنى: تُعانِقوهُنّ ويعانِقْنَكم. وَقيل أَيْضا: {هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ} ، أَي: كلُّ فريق مِنْكُم يَسكُن إِلَى صَاحبه ويُلابِسه. كَمَا قَالَ: {وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا} (الْأَعْرَاف: ١٨٩) ، والعَرَبُ تسمِّي الْمَرْأَة لِباساً وإزاراً، وَقَالَ الجَعْديّ يصف امْرَأَة:

إِذا مَا الضَّجِيع ثَنَى عِطْفَهُ

تَثَنّتْ فكانتْ عَلَيْهِ لِباسَا

<<  <  ج: ص:  >  >>