للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

من سَواده، وَهُوَ الشّخص.

قَالَ أَبُو عُبيد: فَهَذَا من السِّرار، لِأَن السِّرار لَا يكون إِلَّا من إدْناءِ السَّواد من السّواد، وأنشدنا الْأَحْمَر:

مَنْ يَكُنْ فِي السِّوادِ والدّدِ

والإعْرامِ زِيراً فإنني غيرُ زِيرِ

قَالَ ابْن الْأَنْبَارِي: فِي قَوْلهم: لَا يُزايل سوَادِي بياضك.

قَالَ الْأَصْمَعِي: مَعْنَاهُ: لَا يزايل شخصي شخصك. السوادُ عِنْد الْعَرَب: الشَّخْص وَكَذَلِكَ الْبيَاض.

وَفِي حديثِ سَلْمانَ الفارسيّ حِين دخل عَلَيْهِ سعد يعودُه فجَعَل يَبكي، فَقَالَ لَهُ: مَا يُبكِيك؟ فَقَالَ: عَهِدَ إِلَيْنَا رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ليَكْفِ أحدَكُم مثلُ زَاد الرَّاكِب، وَهَذِه الأساوِدُ حَوْلي. قَالَ: وَمَا حَوْلَه إلاّ مِطْهَرة وإجَّلنةٌ أَو جَفْنَة.

قَالَ أَبُو عُبَيد: أَرَادَ بالأساوِد الشخوصَ من المَتاع، وكلُّ شَخْص: مَتَاعٌ من سَوَادٍ أَو إنسانٍ أَو غَيره. وَمِنْه الحَدِيث: (إِذا رأى أحدُكم سَوَاداً باللّيل فَلَا يكن أجبَنَ السَّوادَين فَإِنَّهُ يَخافُك كَمَا تخَافُه) ، قَالَ: وجَمْعُ السَّوادِ أسوِدَة ثمَّ الأساوِد جمع الْجمع، وَأنْشد:

تَناهَيْتُم عَنَّا وَقد كَانَ فيكُم

أَساوِدُ صَرْعَى لم يُوَسَّدْ قَتِيلُها

وَقَول النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين ذَكَر الفِتَن: (لَتَعُودُنَّ فِيهَا أَساوِدَ صُبّاً يَضرِبُ بعضُكم رقابَ بعض) .

قَالَ ابْن عُيينة: قَالَ الزُّهْريّ: وَهُوَ رَوَى الحديثَ: الأساوِدُ: الحيّات، يَقُول: ينصَبُّ بالسَّيْف على رَأس صاحِبه كَمَا تَفعَل الحيَّة إِذا ارتفعتْ فلسَعتْ من فوقُ.

وَقَالَ أَبُو عُبيد: الأَسْوَد: العظيمُ مِن الحيّات وَفِيه سَواد. وَإِنَّمَا قيل لَهُ أسوَد سالِخٌ لأنّه يَسلُخ جِلدَه فِي كلّ عامٍ. وأمَّا الأَرقَم فَهُوَ الّذي فِيهِ سوادٌ وبَياض. وذوا الطُّفْيَتَيْن: الّذي لَهُ خَطَّان أسوَدان.

وَقَالَ شَمِر: الْأسود: أخبَثُ الحيَّات وأعظَمُها وأمكَرُها، وَلَيْسَ شيءٌ من الحيّات أَجْرَأ منهُ، وَرُبمَا عَارض الرُّفْقَة وتَبِع الصَّوتَ، وَهُوَ الَّذِي يَطلُب بالذَّحْل ولَا يَنْجو سَلِيمُه، والجميع: الأَساود. يُقَال: هَذَا أسوَدُ غيرُ مُجرًى.

وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: أَرَادَ بقوله: (لتعودُنَّ أساوِدَ صُبّاً) يَعْنِي جماعاتٍ، وَهِي جمعُ سَوَادٍ من النَّاس أَي جَمَاعةٍ، ثمَّ أسوِدَة ثمّ أساوِد جمعُ الجَمْع. وَيُقَال: رأيتُ سَوادَ القَوْم، أَي: مُعظَمَهم، وسَوادُ العَسْكر: مَا يَشتَمِل عَلَيْهِ من المَضارِب والآلات والدّوابّ وَغيرها. أَو يُقَال: مَرَّت بِنَا أسوِدَاتٌ من النَّاس وأساوِدُ: أَي: جماعات. والسَّواد الأعظَم من النّاس: هم الجُمْهور الأَعظَم، والعَدَد الْأَكْثَر من الْمُسلمين الَّتِي تجمعت على طَاعَة الإِمَام وَهُوَ السُّلْطَان. قَالَ شمر: وَرُوِيَ عَن

<<  <  ج: ص:  >  >>