سَوْداء قلبِه، كَمَا يَقُولُونَ: حَلَّق الطائرُ فِي كَبِد السَّمَاء، وَفِي كُبَيْدَاءِ السّماء.
قَالَ: والسَّواد مَا حَوالَي الكُوفة من القُرَى والرَّساتيق، وَقد يُقَال: كُورةُ كَذَا وَكَذَا وسَوادُها: أَي: مَا حَوالَيْ قَصَبَتِهَا وفُسْطَاطِهَا من قُراها ورَسَاتِيقِها.
وَقَالَ غيرُه: يُقَال: رَمَى فلانٌ بسَهْمِه الأَسوَد وسهمِه المُدَمِّي، وَهُوَ سَهْمُه الَّذِي رَمَى بِهِ فَأصَاب الرَّمِيَّة حَتَّى اسودَّ من الدَّم، وهم يتبرَّكون بِهِ، وَقَالَ الشَّاعِر:
قَالَت خُلَيْدَةُ لما جِئْتُ زَائِرَها
هَلَاّ رَمَيْتَ ببَعْض الأسهُم السُّودِ
قَالَ بَعضهم: أرادَ بالأسهم السود هَهُنَا النُّشَّابَ، وَقيل: هِيَ سِهَام القَنَا.
وَقَالَ أَبُو سَعيد: الّذي صَحَّ عِنْدِي فِي هَذَا أَن الجَمُوحَ أَخَا بَنِي ظَفَر بَيَّتَ بَنِي لِحْيَان فهُزِم أصحابُه وَفِي كِنانتِه نَبْلٌ مُعْلَم بِسَواد، فَقَالَت لَهُ امرأتُه: أَيْن النَّبْل الّذي كنتَ تَرْمِي بِهِ؟ فَقَالَ هَذَا الْبَيْت: قَالَت خُلَيْدَة.
والعَرَب تَقول: إِذا كَثُرَ البيَاض قَلَّ السّواد، يَعْنُون بالبياض اللبَن، وبالسّواد: التَّمْر، وكلُّ عامٍ يَكْثُر فِيهِ الرِّسْل يَقِلُّ فِيهِ التَّمْر.
أَبُو عُبَيد عَن أبي زيد: اِسْتَادَ القومُ استياداً: إِذا قَتَلُوا سيِّدَهم أَو خَطَبوا إِلَيْهِ.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: استادَ فلانٌ فِي بَنِي فلانٍ: إِذا تزوَّج سيِّدةً من عَقائلهم، وأَنشدَ:
أرادَ ابنُ كُوزٍ مِن سَفاهةِ رَأْيِهِ
ليَسْتَادَ مِنَّا أَنْ شَتَوْنَا لَيالِيَا
أَي: أَرَادَ أَن يتزوَّج منّا سيّدةً لِأَن أصابتْنا سَنَة.
وقولُه جلّ وعزّ: {وَسَيِّدًا وَحَصُورًا} (آل عمرَان: ٣٩) ، قَالَ أَبُو إِسْحَاق: السّيّد الَّذِي يَفوق فِي الخيرِ قومَه. وَأما قولُه جلّ وعزّ: {وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ} (يُوسُف: ٢٥) ، فَمعْناه: أَلْفَيَا زَوْجَها، يُقَال: هُوَ سيِّدُها وبَعْلُها، أَي: زَوْجُها.
وَقَالَ عُمَرُ بنُ الخطَّاب: تفقَّهوا من قبل أَن تسوَّدوا. قَالَ شمر: مَعْنَاهُ: تعلَّموا الفِقْهَ قبل أَن تزَوَّجوا فتصِيرُوا أَرْبَابَ بُيوت. قَالَ: وَيُقَال: استادَ الرّجلُ فِي بَنِي فلَان: إِذا تزَوَّج فيهم، وأنشَد بيتَ الْأَعْشَى:
فبِتُّ الْخليفةَ من بَعلِها
وسيِّدَ نُعْمٍ ومُسْتادَها
وَهُوَ سيِّدُ الْمَرْأَة: أَي زَوْجها، والعَيْر: سَيِّد عانَتِه.
وَقَالَ ابنُ شُمَيل: السَّيِّدُ: الّذي فاقَ غيرَه، ذُو العَقْل والمالِ والدَّفْع والنَّفْع، الْمُعطِي مالَه فِي حُقُوقه، المُعين بِنَفسِهِ، فَذَلِك السّيّد.
وَقَالَ عِكْرِمة: السّيِّد الّذي لَا يَغْلِبُه غَضبُه. وَقَالَ قتادَة: هُوَ العابِدُ الوَرِع الحَليم.
وَقَالَ أَبُو خَيْرَة: سُمّيَ سيِّداً لأنّه يَسودَ سوادَ النَّاس، أَي: مُعْظَمَهم.