الحقيقيّ من أنسَأْتُ، وَقد قَالَ بعضُهم: نَسَأْتُ فِي هَذَا الْموضع بِمَعْنى أَنْسَأْتُ؛ قَالَ عُمَير بنُ قيسِ بنِ جِذْل الطِّعان:
ألَسْنا النّاسِئين على مَعَدِّ
شُهُورَ الحِلِّ نَجْعَلُهَا حَرامَا
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: أَنسأَ اللَّهُ فلَانا أَجَلَه، ونَسَأَ فِي أَجَلِه.
قَالَ: وَقَالَ الكسائيّ مثله.
قَالَ: وأنسأْتُه الدَّينَ. قَالَ: وَيُقَال: مَا لَه نَسَأه اللَّهُ، أَي: أخَّزَاه الله. وَيُقَال: أَخَرَه الله. وَإِذا أَخَّره فقد أَخْزاه. قَالَ: وَقد نُسِئَت المرأةُ: إِذا بَدَا حَمْلُها فَهِيَ نَسُوءٌ. وَقد جَرَى النَّسْء فِي الدّوابِ: يَعْنِي السِّمَن. ونَسَأْتُ الإبلَ أنسَأُها: إِذا سُقْتَها؛ قَالَ: وأنشدَنا أَبُو عَمْرو بنُ الْعَلَاء:
وَمَا أمُّ خِشْفٍ بالعَلَايةِ شادِنٍ
تُنَسِّىءُ فِي بَرْدِ الظِّلالِ غَزَالها
قَالَ: وانتسَأَ القومُ: إِذا تبَاعَدوا.
وَفِي الحَدِيث: (إِذا تنَاضَلْتم فانتسِئوا عَن الْبيُوت) ، أَي: تبَاعَدوا؛ وَقَالَ مَالك بن زُغْبة:
إِذا انْتَسَئُوا فَوْتَ الرِّماح أتتْهُمُ
عَوَائِرُ نَبْلٍ كالجرادِ نُطيرُها
وَقَالَ أَبُو زيد: نَسأْتُ الإِبِلِ عَن الْحَوْض: إِذا أخَّرْتها. ونَسَأَتِ الماشيةُ تَنْسَأ: إِذا سَمِنَتْ؛ وكلُّ سَمين ناسىء. ونُسِئَت المرأةُ فِي أوّل حَمْلِها، وأَنْسَأْتُه الدَّين: إِذا أخَّرتَهُ؛ وَاسم ذَلِك الدَّين النّسِيئة. قَالَ: ونسأتُ الإبلَ فِي ظِمْئِها فَأَنا أنسؤها نسْأً: إِذا زدتها فِي ظمئها يَوْمًا أَو يَوْمَيْنِ.
وَقَالَ الفَرّاء فِي قَول الله جلّ وعزّ: {دَابَّةُ الَاْرْضِ} (سبأ: ١٤) ، هِيَ: العَصَا الضّخمة الّتي تكون مَعَ الرَّاعِي، يُقال لَهَا المنْسأة، أُخِذَت من نَسأْتُ الْبَعِير، أَي: زَجَرْتُه ليزدادَ سيرُه.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: ناسَاه: إِذا أبْعَدَه، جَاءَ بِهِ غيرَ مَهْموز، وَأَصله الهمزُ.
أسن: قَالَ الله جلّ وعزّ: {أَنْهَارٌ مِّن مَّآءٍ غَيْرِ} (مُحَمَّد: ١٥) .
قَالَ الفَرَّاء: أَي غيرُ متغيِّر وَلَا آجِن.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: أسَنَ الماءُ يأسِنُ أَسْناً وأُسُوناً: وَهُوَ الّذي لَا يَشْرَبه أحدٌ من نَتْنه. قَالَ: وأَجَنَ يأْجِنُ: إِذا تغيّر، غيرَ أنّه شَرُوب.
وَفِي حَدِيث عمَر: أَن قَبيصةَ بن جَابر أَتَاهُ فَقَالَ: إنِّي رَمَيْتُ ظَبياً وَأَنا مُحرِم فأَصَبْتُ خُشَشَاءَه فأَسِنَ فماتَ.
قَالَ أَبُو عُبيد: قَوْله: (أَسن) يَعْنِي أدِير بِهِ، وَلِهَذَا قيل للرَّجل إِذا دَخَل بِئْرا فاشتدَّت عَلَيْهِ ريحُها حَتَّى يصيبَه دُوار مِنْهُ فيسقُط: قد أَسِن يأسَن أَسناً، قَالَ زُهير:
يُغَادِرُ القِرْنَ مصفَرّاً أنامِلُه
يَمِيدُ فِي الرُّمْح مَيْدَ المائح الأَسِنِ
قلتُ: هُوَ الأَسِن واليَسن أُسمعتُه من غيرِ وَاحِد بِالْيَاءِ، كَمَا قَالُوا رُمْحٌ بَزَنى وأَزَنيّ،