للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالَ الزّجاج: لمّا قَالَ زَكَرِيَّا لربّه: {اجْعَل لِّى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

١٧٦٤ - ءَايَةً} (مَرْيَم: ١٠) أَي: عَلامَة أعلم بهَا وقوعَ مَا بُشِّرتُ بِهِ قَالَ: {ءَايَتُكَ أَلَاّ تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيّاً} (مَرْيَم: ١٠) ، أَي: تمنع الكلامَ وأنتَ سَوِيٌّ لَا خرسَ بك فتعلم بذلك أنّ الله قد وهبَ لَك الْوَلَد. وسَوِيّاً مَنْصُوب على الْحَال.

وَأما قَوْله: {فَأَرْسَلْنَآ إِلَيْهَآ رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَراً سَوِيّاً} (مَرْيَم: ١٧) ، يَعْنِي جبريلَ تمثَّلَ لِمَرْيَم وهيَ فِي غرفَة مُغْلق بابُها عَلَيْهَا محجوبةٌ عَن الخلْق، فتمثل لَهَا فِي صُورَة خَلْقِ بشرٍ سويَ، فَقَالَت لَهُ: {إِنِّى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

١٧٦٤ - أَعُوذُ بِالرَّحْمَانِ مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيّاً} (مَرْيَم: ١٨) .

وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: السّوِيّ: فَعيل فِي معنى مُفْتَعِل، أَي: مستوٍ.

قَالَ: والمستوي: التامُّ فِي كَلَام العَرَب الَّذِي قد بلغ الْغَايَة فِي شبابه وتمامِ خلقه وعَقْلِه.

قَالَ: وَلَا يُقَال فِي شيءٍ من الْأَشْيَاء: استوَى بِنَفسِهِ حَتَّى يُضَمَّ إِلَى غَيره، فَيُقَال: اسْتَوَى فلَان وَفُلَان إِلَّا فِي معنى بُلُوغ الرجل الْغَايَة، فَيُقَال: اسْتَوَى.

قَالَ: وَاجْتمعَ مثله.

وَقَول الله جلّ وعزّ: {مَكَاناً سُوًى} (طه: ٥٨) ، و (سِوًى) .

قَالَ الْفراء: أَكثر كلامِ الْعَرَب بالفَتْح إِذا كَانَ فِي معنى نَصَف وعَدْل فتحُوه ومدُّوه.

قَالَ: وَالْكَسْر وَالضَّم مَعَ الْقصر عربيّان، وَقد قرىء بهما.

وَقَالَ اللَّيْث: تَصْغِير سواءٍ الْمَمْدُود: سُوَيّ.

وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق: (مَكَانا سوي) وَيقْرَأ بِالضَّمِّ، وَمَعْنَاهُ منصفاً، أَي: مَكَانا فِي النّصْف فِيمَا بَيْننَا وَبَيْنك. وَقد جَاءَ فِي اللُّغَة سَوَاء بِالْفَتْح فَهَذَا الْمَعْنى. تَقول: هَذَا مَكَان سَوَاء أَي: متوسط بَين المكانين، وَلَكِن لم يقْرَأ إِلَّا بِالْقصرِ: سُوًى وسِوًى.

أَبُو عُبيد عَن الْفراء: أسْوى الرجلُ: إِذا كَانَ خَلْق ولَدِه سويّاً، وخُلُقه أَيْضا.

وَيُقَال: كَيفَ أَمْسَيْتُم؟ فَيَقُولُونَ: مُسْوون صَالِحُونَ، يُرِيدُونَ: أنّ أَوْلَادنَا ومواشينَا سَوية صَالِحَة.

ورَوَى أَبُو عبيد بِإِسْنَادِهِ عَن أبي عبد الرَّحْمَن السُّلَمي أَنه قَالَ: مَا رأيتُ أحدا أَقرأَ من عليّ، صَلَّينا خَلْفَه فأَسْوَى بَرْزَخاً، ثمّ رَجَع إِلَيْهِ فقرأه، ثمَّ عَاد إِلَى الْموضع الّذي كَانَ انْتهى إِلَيْهِ.

قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الْكسَائي: أسْوَى: يَعْنِي أسْقَط وأَغفَل؛ يُقَال: أَسَوَيْتُ الشيءَ: إِذا تَركتَه وأغْفَلْتَهُ.

وَقَالَ الأصمعيّ: السَّواءُ مَمْدُود: ليلةُ ثلاثَ عشرَة، وفيهَا يَستَوِي الْقَمَر.

وَيُقَال نزَلنَا فِي كلَاءٍ سَيَ، وأَنْبَطَ مَاء سِيّاً: أَي: كثيرا وَاسِعًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>