للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لَمْ يَهَبْ حُرْمَة النَّديم وَحُقَّتْ

يَا لَقَوْمِي للسَّوْءةِ السَّوْآءِ

وَقَالَ اللَّيْث: السَّوْء: فرج الرَّجُل وَالْمَرْأَة، قَالَ الله تَعَالَى: {بَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا} (الْأَعْرَاف: ٢٢) ، قَالَ: والسَّوْءة: كلُّ عملٍ وأَمرٍ شائن؛ تَقول: سَوْءَةً لفُلَان؛ نَصْبٌ لأنَّه شَتْمٌ ودُعاء.

قَالَ: والسَّوْءة السَّوْءاء: هِيَ الْمَرْأَة المخالِفة.

قَالَ: وَتقول فِي النَّكِرة: رجُل سَوْء، وَإِذا عَرَّفْتَ قلتَ هَذَا الرَّجلُ السَّوْءُ، ولَمْ تُضِف. وَتقول: هَذَا عَملُ سَوْء، ولَمْ تقُل عَمَل السَّوْء؛ لِأَن السَّوْء يكون نَعْتاً لِلعَمَل، لأنَّ الفِعْل من الرجل وليسَ الفعْلُ من السَّوْء، كَمَا تَقول: قَوْلُ صِدْق، وقولُ الصِّدْقِ، ورَجُل صِدْق، وَلَا تَقول: رَجُلُ الصِّدْق لأنَّ الرجلَ لَيْسَ من الصِّدْق.

وَقَالَ ابْن هانىء: الْمصدر السَّوْء، وَاسم الْفِعْل السوء. وَقَالَ: السَّوْء مصدر سؤته أسوءه سوءا، فَأَما السَّوْء فاسم الْفِعْل؛ قَالَ الله تَعَالَى: {قُلُوبِكُمْ وَظَنَنتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ وَكُنتُمْ قَوْماً} (الْفَتْح: ١٢) ، قَالَ: وَقيل من السَّوْء من الذَّكَر أَسْوَأ، وَالْأُنْثَى سَوْءَاء. يُقَال: هِيَ السَّوْءة السَّوْءاء. وَقيل: فِي قَوْله تَعَالَى: {يَظْلِمُونَ ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاءُواْ السُّو صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

١٧٦٤ - ءَى أَن كَذَّبُواْ بِئَايَاتِ اللَّهِ وَكَانُواْ بِهَا يَسْتَهْزِئُونَ} (الرّوم: ١٠) أَي: هِيَ جَهَنَّم.

سَلمَة عَن الفرّاء فِي قَول الله جلَّ وعَزّ: {عَلَيْهِمْ دَآئِرَةُ السَّوْءِ} (الْفَتْح: ٦) ، مِثْلُ قَوْلك: رَجُلُ السّوْء. قَالَ: ودائرة السَّوْء: الْعَذَاب. والسَّوْءُ بالفَتْح أفشَى فِي الْقِرَاءَة وَأكْثر؛ وقَلَّما. تَقول الْعَرَب: دَائِرَة السُّوء بِالضَّمِّ.

وَقَالَ الزجّاج فِي قَوْله: {وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّآنِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَآئِرَةُ} (الْفَتْح: ٦) ، كَانُوا ظنّوا أَن لن يعودَ الرسولُ والمؤمنون إِلى أهلِيهِم، وزُيِّنَ ذَلِك فِي قُلوبهم، فَجعل اللَّهُ دائرةَ السُّوء عَلَيْهِم قَالَ: وَمن قَرَأَ (ظن السُّوء) ، فَهُوَ جَائِز؛ وَلَا أعلم أحدا قرَأَ بهَا، إِلَّا أنَّها قد رُوِيَت.

وزَعَم الخليلُ وسيبويه أنَّ معنى السُّوْء هَهُنَا: الْفساد، الْمَعْنى الظانِّين بِاللَّه ظنَّ الْفساد، وَهُوَ مَا ظَنُّوا أَن الرَّسول ومَنْ مَعَه لَا يَرْجِعون، قَالَ الله: {عَلَيْهِمْ دَآئِرَةُ السَّوْءِ} أَي: الفسادُ والهلاكُ يَقع بهم.

قلتُ: قولُ الزّجاج لَا أعلم أحدا قَرَأَ (ظَنّ السُّوءِ) بضمّ السِّين مَمْدُود وهَم، وَقد قَرَأَ ابنُ كثير وَأَبُو عَمْرو: (دَائِرَة السُّوء) بِضَم السِّين ممدودة فِي سُورَة بَرَاءَة، وَسورَة الْفَتْح، وَقَرَأَ سائرُ القُرّاء السَّوْء بِفَتْح السِّين فِي السُّورتين، وكثُر تعجُّبي من أَن يَذهبَ على مِثل الزّجاج قراءةُ هذَيْن القارئَين الجليلَين مَعَ جلالةِ قَدْرِهما.

وَقَالَ الفرّاء فِي سُورَة بَرَاءَة فِي قَوْله: {وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوَائِرَ عَلَيْهِمْ دَآئِرَةُ السَّوْءِ} (التَّوْبَة: ٩٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>