وسمعتُ ابْن الأعرابيّ يَقُول: كل إصْلَاح من خيرٍ أَو شرّ فَهُوَ تَزْوِير. قَالَ: وَمِنْه شاهدُ الزُّور يُزَوِّر كلَاما.
قَالَ أَبُو بكر: فِي قَوْلهم: قد زوَّر عَلَيْهِ كَذَا وَكَذَا فِيهِ أَرْبَعَة أَقْوَال:
يكون التزوير فعلُ الْكَذِب أَو الْبَاطِل أَو الزُّور الكَذب، وَقَالَ خَالِد بن كُلْثُوم التزوير: التَّشْبِيه، وَقَالَ أَبُو زيد: التزوير: التزويق والتحسين. وَقَالَ الْأَصْمَعِي: تهيئة الْكَلَام وَتَقْدِيره.
وَفِي صَدْره زَوَرٌ، أَي: فَساد يَحتاج أَن يُزَوَّر. قَالَ: وَقَالَ الْحجَّاج: رحم الله امْرأ زوَّر نفسَه على نفسِه، أَي: اتْهمهَا عَلَيْهَا.
وَتقول: أَنا أُزَوِّرُك على نفسِك، أَي: أتَّهِمك عَلَيْهَا، وأَنشَد ابْن الْأَعرَابِي:
بِهِ زَوَرٌ لَم يَستَطِعْه المزَوِّرُ
وناقَة زِوَرّة أسْفار، أَي: مُهَيَّأة للأسفار، مُعَدة.
وَيُقَال: فِيهَا ازورَار من نَشاطِها.
وكلُّ شَيْء كَانَ صَلاحاً لشَيْء وعِصمةً لَهُ، فَهُوَ زِوَارٌ لَهُ وزِيَارٌ لَهُ، وَقَالَ ابْن الرِّقاع:
كانُوا زِواراً لأهلِ الشَّام قد عَلِموا
لَمّا رأوْا فِيهمُ جَوْراً وطُغْيانا
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: زِوارٌ وزِيار، أيْ: عصمَة كزيار الدّابة.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي فِي الزوار هُوَ الشكال، وَهُوَ حَبل يكون بَين الحقبِ والتصدير.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: وَهُوَ الحَبْل الَّذِي يُجْعل بَين الحَقَبِ والتصدير كي لَا يَدْنو الحَقَبُ من الثِّيل، وَقَالَ الفرزدق:
بأرْحُلِنا يَحِدْنَ وَقد جَعَلْنا
لكل نَجيبةٍ مِنْهَا زِيَارا
وَقَالَ الْقِتَال:
ونحنُ أناسٌ عُودُنَا عُودُ نَبْعَةٍ
صَلِيبٌ وَفينَا قَسوةٌ لَا تُزَوَّرُ
وَقَالَ أَبُو عدنان: أَي: لَا تغمز لقسوَتها وَلَا تُستضعَف.
قَالَ: وقولُهم: زَوَّرْتُ شَهادة فلانٍ راجعٌ إِلَى هَذَا التَّفْسِير، لأنّ مَعْنَاهُ: أَنه استضعِف فغُمِز وغُمزت شهادَتهُ فأُسقِطتْ.
أَبُو عُبيد عَن الأصمعيّ: التزْوِيرُ: إصْلَاح الْكَلَام وتهيئَتُه.
وَقَالَ أَبُو زيد: زَوِّرُوا فلَانا، أَي: اذبَحوا لَهُ وأَكْرِموه.
وَقَالَ اللَّيْث: الْمزَوّرُ من الْإِبِل: الَّذِي إِذا سَلَّه المُزَمِّر من بطن أمه اعوَجَ صَدرُه فيغمزه ليُقيمَه، فَيبقى فِيهِ مِن غَمزه أثرٌ يعلم أنّه مُزَوَّر. وَالْإِنْسَان يزوِّر كلَاما، وَهُوَ أَن يقوِّمه ويُتقِنَه قبل أَن يتَكَلَّم بِهِ.
قَالَ: والزُّورُ: شهادةُ الباطلِ وقولُ الكَذِب، وَلم يشتق مِنْهُ تَزْوير الْكَلَام، وَلكنه اشتقّ من تَزْوير الصَّدر.
قَالَ: والزِّيارُ: سِنافٌ يُشَدّ بِهِ الرَّحْل إِلَى صَدْر الْبَعِير بِمَنْزِلَة اللَّبَب للدّابة، ويسمَّى