للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

{ياأَيُّهَا الَّذِينَءَامَنُواْ لَا تَتَّخِذُواْ بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ} (آل عمرَان: ١١٨) .

قَالَ الزّجاج: البِطَانةُ: الدُّخلاء الَّذين يُنبسط إِلَيْهِم ويُستبطنون، يُقَال: فلَان بِطانةٌ لفُلَان، أَي: مُداخِلٌ لَهُ مؤانس. وَالْمعْنَى: أَن الْمُؤمنِينَ نهُوا أَن يَتّخذوا الْمُنَافِقين خاصّتهم، ويُفضوا إِلَيْهِم بأسرارهم.

وَقَالَ الْأَصْمَعِي: يُقَال: أبطن فلَان السّيفَ كَشّه: إِذا جعله تَحت خَصْره. وَيُقَال: بطّن فلَان ثَوْبه تَبْطيناً وَهِي البِطَانة والظِّهارة، قَالَ الله تَعَالَى: {فُرُشٍ بَطَآئِنُهَا مِنْ} (الرَّحْمَن: ٥٤) .

قَالَ الْفراء فِي قَوْله: {تُكَذِّبَانِ مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَآئِنُهَا} (الرَّحْمَن: ٥٤) قد تكون البِطانة ظِهارة، والظِّهارة بطانة، وَذَلِكَ أَن كل وَاحِد فِيهَا قد يكون وَجها. وَقد تَقول الْعَرَب: هَذَا ظَهْرُ السَّمَاء لظاهرها الَّذِي ترَاهُ.

وَقَالَ غير الْفراء: البِطَانةُ: مَا بَطَن من الثَّوْب وَكَانَ من شَأْن النَّاس إخفاؤه. والظِّهارةُ: مَا ظهر وَكَانَ من شَأْن النَّاس إبداؤه وَإِنَّمَا يجوز مَا قَالَه الْفراء فِي ذِي الْوَجْهَيْنِ المتساويين، إِذْ وَلى كلّ وَاحِد مِنْهُمَا قوما لحائط يَلِي أحدُ صَفْحيه قوما، والصَّفْحُ الآخَرُ قوما آخَرين، فكلُّ وَجه من الْحَائِط ظهرٌ لمن يَليه، وكلُّ واحدٍ من الْوَجْهَيْنِ ظَهْرٌ وبَطْنٌ، وَكَذَلِكَ وَجْها الْجَبَل وَمَا شاكله. فَأَما الثّوبُ فَلَا يجوز أَن تكون بِطانتهُ ظهارة، وظهارتهُ بِطانة، وَيجوز أَن يُجعل مَا يلينا من وَجه السَّمَاء وَالْكَوَاكِب ظهرا وبَطناً، وَكَذَلِكَ مَا يَلينا من سُقوفِ الْبَيْت.

وَقَالَ الْأَصْمَعِي: يُقَال: ضَرب فلَان البعيرَ فبَطَن لَهُ: إِذا ضربه تَحت البَطْن، وَأنْشد:

إِذا ضَربت مُوقَراً فابْطُنْ لَهُ

تَحت قُصَيْرَاه ودونَ الجُلّهْ

وَيُقَال: بطَنَه الدَّاء، وَهُوَ يَبْطُنه: إِذا دَخله بُطوناً. والبَطْنُ من الأَرْض: الغامض الدَّاخِل، والجميع البُطْنان. وَيُقَال: شأوٌ بَطين، أَي: بعيد.

وَأنْشد:

وبَصْبَص بَين أدَاني الغَضَى

وَبَين عُنَيزةَ شَأْواً بَطينَا

أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: بُطَانُ الريش: مَا كَانَ تَحت العَسِيب، وظُهْرانُه: مَا كَانَ فَوق العَسِيب.

وَيُقَال: رَأَسَ سَهْمه بظُهران. وَلم يَرِشْه ببُطْنان، لِأَن ظُهرانَ الرِّيش أَوْفَى وَأتم، وبطنانُ الريش قصارٌ، وَوَاحِد البُطْنان بطن، وَوَاحِد الظُّهران ظهر. والعَسِيبُ: قضيبُ الريش فِي وَسَطه.

وَقَالَ غَيره عَن الْأَصْمَعِي: بَطِنَ الرجلُ يَبْطَن بطَناً وبِطْنةً: إِذا عَظُم بطنهُ.

وَقَالَ القُلاخ:

وَلم تَضَع أولادَها من البَطَنْ

وَلم تُصِبه نَعْسَةٌ على غَدَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>