الشّعْر، كَقَوْل الْقَائِل: لَو أَرَدْت الدَّرَاهِم لأعطيتك فَدعْ الشعرَ، فقد تبين أَن رُوَيْدَ فِي مَوضِع الْفِعْل ومُتَصَرّفةٌ تَقول: رُوَيْدَ زَيْداً كَأَنَّمَا تَقول: أَرْوِدْ زيدا وَأنْشد:
رُوَيْدَ عَلِيّاً جُدَّ مَا ثَدْيُ أُمَّهم
إِلَيْنَا ولكنْ وُدُّهُم متمَايِنُ
وَتَكون رُوَيداً أَيْضا صفة لِقَوْلِك سَارُوا سيراً رويداً، وَيَقُولُونَ أَيْضا: سَارُوا رُويداً فتحذف السّير وتجعله حَالا بِهِ، وصف كَلَامه واجتزأ بِمَا فِي صدر حَدِيثه من قَوْلك: سَار عَن ذكر السِّير، وَمن ذَلِك قَول الْعَرَب: ضَعه رويداً أَي وَضْعاً رويداً.
قَالَ: وَتَكون رُوَيداً للرجل يُعالج الشيءَ رُوَيداً إِنَّمَا يُرِيد أَن تَقول عِلاجاً رويداً فَهَذَا على وَجه الْحَال إِلَّا أَنْ يَظْهَر الموصوفُ بِهِ فَيكون على الْحَال وعَلى غير الْحَال.
قَالَ: وَاعْلَم أَن روَيداً يَلْحَقها الكافُ وَهِي فِي مَوضِع افْعَلْ وَذَلِكَ قَوْلك: رُوَيدك زيدا، ورُويدكم زيدا، فَهَذِهِ الْكَاف الَّتِي أُلْحِقت لِيَتَبَيَّنَ المخاطَبُ فِي رُوَيداً؛ إِنَّمَا أُلحقت المخصوصَ لِأَن رويداً قد يَقع للْوَاحِد والجميع والمذكر وَالْأُنْثَى؛ فَإِنَّمَا أَدخل الْكَاف حَيْثُ خِيفَ التباسُ مَن يُعْنَى مِمَّن لَا يُعْنَى؛ وَإِنَّمَا حُذِفتْ من الأول اسْتغْنَاء بِعلم الْمُخَاطب، أنهُ لَا يَعْني غَيره؛ وَقد يُقَال: رُوَيدك لمن لَا يخَاف أَن يلتبس بِمن سواهُ توكيداً، وَهَذَا كَقَوْلِك: النَّجاءَك والوَحَاكَ، تكون هَذِه الْكَاف عَلَماً لِلمأمورين والمنهيِّين.
وَقَالَ اللَّيْث: إِذا أردْت برويداً الْوَعيد نصبتها بِلَا تَنْوِين وَأنْشد:
رُوَيْدَ تُصاهِلْ بالعراق جِيادنا
كَأَنَّكَ بالضَّحاكِ قد قَامَ نادِبُه
وَإِذا أَردتَ برويدَ المُهلة والإروادَ فِي المَشْي فانصبْ ونَوِّنْ تَقول: امشِ رُوَيداً. قَالَ: وَتقول الْعَرَب: أرْوِدْ فِي معنى رويداً المنصوبة قَالَ: والإرادةُ أصلُها الْوَاو، أَلا ترى أَنَّك تَقول: رَاوَدْتُه أَي أَردتُه على أَن يفعل كَذَا؛ وَتقول: رَاوَدَ فلانٌ جاريتَه عَن نَفسهَا وراودَتْه هِيَ عَن نفسِه إِذا حاول كل وَاحِد مِنْهُمَا من صَاحبه الْوَطْء وَالْجِمَاع؛ وَمِنْه قَول الله جلّ وعزّ: {تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَن نَّفْسِهِ} (يُوسُف: ٣٠) فَجعل الفِعل لَهَا، والرَّوائدُ من الدَّواب الَّتِي ترتع وَمِنْه قَول الشَّاعِر:
كَأَنَّ رَوَائدَ المُهْراتِ مِنْها
وَيُقَال: رَادَ يَرود إِذا جاءَ وذَهب، وَلم يَطمئن، ورجلٌ رائد الوِساد إِذا لم يَطْمَئن عَلَيْهِ، لِهَمَ أَقْلَقَه، وَبَات رائدَ الوساد وَأنْشد:
تَقُولُ لَهُ لما رَأَتْ جَمْعَ رَحْلِه
أَهذا رئيسُ الْقَوْم رَادَ وِسَادُها