للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَرُوِيَ عَن عَليّ أَنه قَالَ: من أَرَادَ البَقَاء وَلَا بقاءَ فلْيُباكِرْ الغَداءَ وليخفِّف الرِّداء.

قَالُوا لَهُ: وَمَا تَخْفيف الرِّداء فِي البقَاءِ؟

فَقَالَ: قِلةُ الدّيْن.

قلت: ويُسَمَّى الدَّيْن رِداءً لِأَن الرِّداء يَقَعُ على المَنكِبَيْن ومُجْتمع العُنُق والدَّيْن أَمانَةٌ، وَالْعرب تَقول فِي ضمَان الدَّيْن: هَذَا لَك فِي عُنقِي ولازمُ رَقَبَتِي، فقيلَ للدَّين: رِداءً لِأَنَّهُ لَزِم عُنُق الَّذِي هُوَ عَلَيْهِ، كالرِّداء الَّذِي يَلْزَمُ المَنكِبَيْن إِذا تُرُدِّيَ بِهِ، وَمِنْه قيل للسيف: رِدَاءٌ لأنَّ مُتَقَلِّدَهُ بحمائِله مُتَردَ بِهِ.

وقالتْ خنساء ترثي أخاها:

ودَاهِيةٍ جَرَّها جَارمٌ

جَعَلْتَ رِدَاءك فِيهَا خِمَاراً

أَي عَلَوْتَ بِسيْفِك فِيهَا رقابَ أعدائك كالخمار الَّذِي يَتَجَلَّلُ الرأْسَ.

وَيُقَال للوِشاحِ: رِدَاء، وَقد تَرَدَّتِ الْجَارِيَة إِذا تَوَشَّحَتْ.

وَقَالَ الْأَعْشَى:

وتَبْرُدُ بَرْدَ رِدَاء العرُو

سِ بالصَّيْفِ رَقْرَقَت فِيهِ العَبِيرَا

يَعْني بِهِ وِشَاحها المُخَلَّق بالخَلُوقِ، وَامْرَأَة هَيْفَاء المُرَدَّى أَي ضَامِرة موضِعِ الوِشاحِ.

ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي يُقَال: أَبوك رِداؤك ودَارُك رِدَاؤك، وكلُّ مَا زَيَّنَكَ فَهُوَ رِدَاؤك وَأنْشد:

رَفَعْتُ رِدَاء الجهلِ عَنِّي وَلم يكن

يُقَصِّرُ عَنِّي قَبْلَ ذَاك رِدَاءُ

ورِدَاءُ الشَّباب حُسْنُهُ وغَضَارتُه ونَعْمَتُه وَقَالَ رؤبة:

حَتَّى إِذا الدَّهرُ استَجَدَّ سِيما

مِن البِلى يَسْتَوْهِبُ الوَسِيما

رِداءَه والبِشْرَ والنعيما

يستوهبُ الدهرُ الوسيمَ أَي الوجْهَ الوَسيمَ رِدَاءَه، وَهُوَ نَعْمَتُه، واستَجَدَّه سِيما أَي أَثراً من البِلى وَكَذَلِكَ قَول طرفَة:

وَوَجْهٍ كأَنَّ الشمسَ حَلَّتْ رداءها

عَلَيْه ... ... ... ...

أَي أَلْقَتْ حُسْنَها ونُورها على هَذَا الْوَجْه، من التّحلِيَةِ فَصَارَ نورها زِينَة لَهُ كالحَلْيِ؛ والرَّدَى الزِّيَادَة.

يُقَال: مَا بلغتْ رَدَى عَطائِك أَي زيادتُك فِي العَطِيّة، ويُعجِبُني رَدَى قولِك، أَي زيادةُ قَوْلك، قَالَ كُثير فِي بَيت لَهُ:

لهُ عَهْدُ وُدٍ لم يُكَدَّر يَزِينُه

رَدَى قولِ مَعْروفٍ حديثٍ ومُزْمِنِ

أَي يَزِينُ عهدَ وُدِّه زيادةُ قولِ معروفٍ مِنْهُ؛ وَقَالَ آخر:

تَضَمَّنَها بَنَاتُ الفَحْلِ عَنهم

فَأَعْطَوْها وقَد بَلَغوا رَدَاها

ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الرَّدَى الْهَلَاك

<<  <  ج: ص:  >  >>