أَحُصُّ أمنع، وَقيل: أَحُص أَقْطَعُ ذَلِك، وَقَوله: كمن يُدَلَّى أَي يُطْمَع قلت: وأصلُه الرجلُ العطشانُ يُدَلَّى فِي الْبِئْر لِيَرْوَى من مَائِهَا فَلَا يَجِد فِيهَا مَاء فَيكون مُدَلَّى فِيهَا بالغُرُور فَوُضِعتْ التَّدْليةُ موضعَ الإطْمَاعِ فِيمَا لَا يُجدِي نَفْعاً. وَفِيه قَول ثَالِث: {فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ} أَي جرَّأَهما إبليسُ على أكلِ الشجرةِ بغُرَرِهِ وَالْأَصْل فِيهِ دَلَّلَهما. والدَّالُّ والدَّالَّةُ الجُرْأَةُ، وَأما قَوْله: {الَاْعْلَى ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى} (النَّجْم: ٨) .
قَالَ الْفراء: ثمَّ دَنا جِبْرِيل من مُحَمَّد فَتَدلَّى كَأَن الْمَعْنى ثمَّ تدلى فَدَنَا، وَهَذَا جَائِز إِذا كَانَ الْمَعْنى فِي الْفِعْلَيْنِ وَاحِدًا.
وَقَالَ الزّجاج: معنى دنا فَتَدَلَّى وَاحِد، لِأَن الْمَعْنى أَنه قَرُبَ فَتَدَلَّى أَي زادَ فِي القُرْب كَمَا تقولُ: قد دَنَا فلانٌ مِنِّي وقَرُب.
وَفِي حَدِيث أمّ الْمُنْذر العَدَوية قَالَت: دخَل عليَّ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمَعَهُ عليّ بن أبي طالبِ ناقهٌ قَالَت: وَلنَا دَوالٍ مُعَلَّقة قَالَت: فقامَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فأَكل، وَقَامَ عليّ فأكلَ، فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (مَهْلاً فَإنَّك نَاقِهٌ) فَجَلَسَ عليّ وَأكل مِنْهَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ جَعَلْتُ لَهُم سِلْقاً وشَعِيراً فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (من هَذَا أَصِبْ فَإِنَّهُ أَوْفَقُ لَك) ، والدَّوَالي: بُسْرٌ يُعلَّق فَإِذا أَرطَبَ أُكِلَ.
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: دَلَوْتُ الْإِبِل دَلْواً إِذا سُقْتَها سوْقاً رُوَيداً وَأنْشد غَيره:
لَا تَعْجَلا بالسَّيْرِ وَادْلُوَاهَا
لَبِئْسَما بُطْءٌ وَلَا نَرْعَاها
وَنَحْو ذَلِك قَالَ الْفراء، وَقَالَ اللَّيْث: الدَّالِيَةُ شَيْء يُتَّخذ من خوص وخَشَب يُسْتَقى بِهِ بحبال تُشَد فِي رَأس جِذْعٍ طَوِيل، وَقَالَ: وَالْإِنْسَان يُدْلي شَيْئا فِي مَهْواةٍ ويتدلَّى هُوَ نَفسه، وأدْلى فلانٌ بِحقِّه وحُجَّتِه، إِذا هُوَ احْتَج بهَا وأحضرها، وأَدلَى بِمَال فلَان إِلَى الْحَاكِم: إِذا دَفعه إِلَيْهِ.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: دَلِيَ إِذا سَاق، ودَلِيَ إِذا تَحَيَّر، وَقَالَ: تدلَّى إِذا قَرُب بعد عُلُوَ، وتدلَّى تواضع، ودَالَيْتُه أَي دَارَيْتُه.
لدي: قَالَ اللَّيْث: لَدَى مَعْنَاهَا مَعْنى عِنْد يُقال: رأيتُه لَدَى بابِ الْأَمِير، وَجَاءَنِي أمرٌ من لَدَيك أَي مِن عِندك، وَقد يَحْسُن من لَدُنْك بِهَذَا الْمَعْنى، وَيُقَال فِي الإغْرَاء: لَدَيْكَ فلَانا كَقَوْلِك عَلَيْك فلَانا وَأنْشد:
لَدَيْك لَدَيْك ضَاقَ بِها ذِراعاً
ويروى إلَيْكَ إِلَيْكَ، على الإغْرَاء.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: أَلْدَى فلَان إِذا كَثُرَتْ لِدَاتُه وَقَوله جلّ وعزّ: {قَرِينُهُ هَاذَا مَا لَدَىَّ} (ق: ٢٣) يَقُوله المَلك يَعْنِي مَا كُتِبَ من عَمَل العَبْد حاضرٌ عِنْدِي، وَقَالَ تَدَلَّى فلانٌ علينا من أَرض كَذَا وَكَذَا: أَي