للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأنقص من ذَا، ودُونَ يكون خسيساً. وَقَالَ فِي قَوْله: {وَيَعْمَلُونَ عَمَلاً دُونَ ذالِكَ} (الْأَنْبِيَاء: ٨٢) .

ودونَ ذَلِك الغَوْصِ يُرِيد سوى الغَوْصِ، من البِنَاء، وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم فِي قَوْله:

يَزِيدُ يَغُضُّ الطَّرْفَ دُوني

أَي يُنَكِّسُه فِيما بيني وبينَه من الْمَكَان.

يُقال: ادْنُ دُونك أَي اقْتَرِب، مني فِيمَا بيني وَبَيْنك، والطَّرْف تَحْرِيك جفون الْعَينَيْنِ بِالنّظرِ، يُقَال: أَسْرَعُ من الطَّرْف واللَّمْح.

أَبُو حَاتِم عَن الأصمعيّ يُقَال: يَكْفِينِي دُونُ هَذَا لِأَنَّهُ اسْم.

وَيُقَال: هَذَا رجل من دونٍ، وَلَا يُقَال: رجلٌ دُونٌ لم يتكلَّموا بِهِ وَلم يَقُولُوا فِيهِ: مَا أَدْوَنَه وَلم يُصَرَّفْ فِعْلُه كَمَا يُقَال: رجلٌ نَذْلٌ بَيِّن النَّذَالةِ.

وَفِي الْقُرْآن: {وَمِنْهُمْ دُونَ ذاَلِكَ} (الْأَعْرَاف: ١٦٨) بِالنّصب، والموضع مَوْضعُ رفع، وَذَلِكَ أَن الْعَادة فِي دون أَن يكون ظرفا، ولذلِك نصبوه.

وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: التَّدَوُّنُ الغِنَى التامُ.

دين: أَبُو عبيد: الدِّين الْحساب وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: {) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} (الْفَاتِحَة: ٤) وَقَالَ غَيره: مالكِ يَوْم الْجَزَاء، وَمِنْه قَوْلهم: كَمَا تَدِينُ تُدان، الْمَعْنى كَمَا تعْمل تُعْطَى وتُجَازَى، وَقَالَ الشَّاعِر:

وَاعْلَمْ يَقيناً أَنَّ مُلْكَكَ زائِلٌ

واعْلم بأَنَّ كَمَا تدينُ تُدان

أَي تُجْزَى بِمَا تفعل، والدِّين أَيْضا الْعَادة، تَقول الْعَرَب: مَا زَال ذَلِك دِيني ودَيْدَنِي أَي عادتي.

وَفِي الحَدِيث: (الْكَيِّسُ من دَانَ نَفْسَه وعَمِلَ لما بعد الْمَوْت، والأحمقُ من أَتْبَعَ نَفْسَه هَواها وتمنّى على الله) .

قَالَ أَبُو عبيد: قَوْله: دَانَ نَفْسَه أَي أَذَلَّها واستعبدها، يُقَال: دِنْتُ الْقَوْم أَدِينُهم إِذا فعلت ذَلِك بهم.

قَالَ الْأَعْشَى يمدح رجلا:

هُوَ دانَ الرَّباب إذْ كَرِهُوا الدَّيْ

نَ دِرَاكاً بِغَزْوَةٍ وصِيالِ

ثُمَّ دَانتْ بَعْدُ الربابُ وكانتْ

كعذابٍ عُقوبةُ الأقوالِ

فَقَالَ: هُوَ دَانَ الربابَ يَعْنِي أذَلَّها، ثمَّ قَالَ: دَانَتْ بعدُ الربابُ أَي ذَلَّتْ لَهُ وأطاعَتْه، والدِّين لِلَّهِ من هَذَا إِنَّمَا هُوَ طاعتُه والتَّعَبُّدُ لَهُ.

وَقد قيل فِي قَوْله: الكَيِّسُ من دَان نَفْسَه أَي حاسَبها.

وَقَول الله جلّ وعزّ: {الدِّينُ الْقَيِّمُ} (التَّوْبَة: ٣٦) أَي ذَلِك الْحساب الصَّحِيح والعَددُ الْمُسْتَوِي، وَقَوله جلّ وعزّ: {تُبْصِرُونَ فَلَوْلَا إِن كُنتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ} {مَدِينِينَ} (الْوَاقِعَة:

<<  <  ج: ص:  >  >>