ذَلِك، وَقد قَالَه الأصمعيّ وَأَبُو عَمْرو وهما إمامان ثقتان.
وَفِي الحَدِيث أَن سَلَمَة بن الأكْوَع قَالَ: كنت تبيعاً لِطَلْحة بن عُبَيْد الله أَسْقِي فرسَه وأَحُسُّه وأَخْدُمُه، قَالَ: وَبعث رَسُول الله بِظَهْرِه مَعَ رَباحٍ مَوْلَاهُ، وخَرَجْتُ بِفَرسِ طَلْحة أُنَدِّيه، ثمَّ ذَكَر إغارة بَنِي فَزَارة على ظَهْر رَسُول الله وَأَنه دَفَع فَرسه إِلَى رَبَاح ليبلغه طَلْحَة.
رَوَاهُ عِكرمة بن عَمَّار عَن إِيَاس بن سَلَمة ابْن الْأَكْوَع عَن أَبِيه قلت: ولِلتَّنْدِية معنى آخر وَهُوَ تضمير الْخَيل وإجراؤها البَرْدين حَتَّى تعْرق ويَذْهَبَ رَهَلُها؛ وَيُقَال للعرق الَّذِي يسيل مِنْهَا: النَّدَى.
وَمِنْه قَول طُفَيل:
نَدَى المَاء من أَعْطَافِها المُتَحَلِّب
قَالَ الْأَزْهَرِي: سَمِعت عريفاً من عُرَفاء القَرامِطَة يَقُول لأَصْحَابه وَقد نُدِبُوا للنهوض فِي سَرِيَّة استُنْهِضَتْ الأَوَنَدُّوا خَيْلَكُم، الْمَعْنى ضمروها وشُدُّوا عَلَيْهَا السُّروج وأَجْرُوها حَتَّى تَعْرَق.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: إِن هَذِه النَّاقة تَنْدو إِلَى نُوق كرام أَي تنْزِع إِلَيْهَا فِي النَّسبِ وَأنْشد:
تَندُو نؤادِيها إِلَى صَلَاخِدا
قَالَ: والنَّدَى على وُجُوه: ندَى الماءِ، ونَدَى الْخَيْر، ونَدَى الشَّر، ونَدَى الصَّوْتِ، ونَدى الحُضْرِ ونَدَى الدُّخْنَة، فأمَّا نَدَى المَاء فَمِنْهُ الْمَطَر. يُقَال: أَصَابَهُ نَدًى من طَلَ، ويومٌ نَدِيٌ وليلةٌ نَدِيَّةٌ، ومَصْدره النُّدُوَّةُ، والنَّدَى مَا أَصَابَك مِن البلل، ونَدَى الْخَيْر هُوَ الْمَعْرُوف، يُقَال: أَنْدَى فلانٌ علينا نَدًى كثيرا وَإِن يَدَه لَنَدِيَّةٌ بِالْمَعْرُوفِ، وَيُقَال: مَا نَدِيَنِي من فلَان شيءٌ أكرهه، مَا بَلّني وَلَا أصابني وَمَا نَدِيَتْ كَفِّي بِشَرٍ، وَمَا نَدِيتُ بِشَيْء تكرههُ، قَالَ النَّابِغَة:
مَا إنْ نَدِيتُ بشيءٍ أنتَ تَكْرَهُهُ
إذَنْ فَلَا رَفَعَتْ سَوْطي إليّ يَدِي
وَفِي الحَدِيث: (مَنْ لَقِيَ اللَّهَ وَلم يَتَنَدَّ من الدَّم الْحَرَام بِشَيْء دَخَل الْجنَّة) ، وندَى الصَّوت بُعْدُ مَذهَبِه والنِّداء ممدودٌ والدُّعاءُ أرْفَعِ الصّوْتِ وَقد ناديْتُه نِداءً، ونَدَى الخُحْرِ بَقَاؤُه.
وَقَالَ الْجَعْدِي أَو غَيره:
كَيْفَ تَرَى الكامِلَ يُقْضِي فَرَقاً
إِلَى نَدَى العَقْبِ وشَدّاً سَحْقاً
وَفُلَان أَنْدى صوْتاً من فلَان، أَي أَبْعَدُ مَذْهباً وأَرْفَعُ صَوتا.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: أَنْدَى الرجلُ إِذا كثُر نَداه على إخوانِه، وَكَذَلِكَ انْتَدى وتَنَدَّى، وَفُلَان لَا يُنْدِي الوَتَر إِذا كَانَ ضعيفَ الْبدن.
وَقَالَ ابْن السّكيت: فلانٌ يَتَنَدَّى على