للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقَضيتَه، وَتقول: لَا يَتأَدى عبدٌ إِلَى الله من حُقُوقه كَمَا يجب، وَيَقُول الرجل: مَا أَدرِي كَيفَ أَتَأَدَّى إليكَ من حَق مَا أوليتني، أَبُو عُبيد عَن الْأَصْمَعِي: آدى الرجلَ فَهُوَ مُؤْد إِذا كَانَ شاكَّ السِّلَاح، وَهُوَ من الأداة. وَقَالَ الْأسود بن يعفر:

مَا بَعْدَ زْيدٍ فِي فتاةٍ فُرّقوا

قَتْلاً وَسَبياً بَعد حُسْن تآدي

أَي بعد قوةٍ وأخذٍ للدهر أَداتَه من العُدة، وَقد تآدى الْقَوْم إِذا أخذُوا العُدة الَّتِي تُقوّيهم على الدَّهر، وَغَيره، وَأهل الْحجاز يَقُولُونَ: استَأدَيْتُ السّلطان على فلَان، أَي استَعْدَيْتُ فآداني عَلَيْهِ أَي أَعْداني وأعاننِي، وَيُقَال: تآدَى الْقَوْم تآدِياً وتَعَادَوْا تعادِياً إِذا تتابعوا مَوتاً، وغَنَمٌ أَدِيّةٌ أَي قَليلَة.

أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: الأديّة تَقْدِير عِدَّةٍ من الْإِبِل القليلة الْعدَد.

ابْن بزرج: هَل تآديتم لذَلِك الْأَمر؟ أَي هَل تأهبتم لَهُ؟

قلت: مَأْخُوذ من الأداة.

وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال أدَّى فلانٌ مَا عَلَيْهِ أدَاءً وتأْدِيةً.

قَالَ وَتقول: فلَان آدَى للأمانة من فلَان، والعامةُ قد لَهِجُوا بالْخَطَأ فَقَالُوا: فلَان أدَّى للأمانة، وَهُوَ لَحْن غير جَائِز.

قلت أَنا: وَمَا علمت أحدا من النَّحْوِيين أَجَازُوا آدى لأنّ أَفْعَلَ فِي بَاب التَّعَجُّب لَا يكون إِلَّا فِي الثلاثيّ، وَلَا يُقَال: آدَى بِالتَّخْفِيفِ بِمَعْنى أدَّى بِالتَّشْدِيدِ، وَوجه الْكَلَام أَن يُقَال: فلانٌ أحسنُ أَداء.

وَأما قَول الله جلّ وعزّ: {كَرِيمٌ أَنْ أَدُّو صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

١٧٦٤ - اْ إِلَىَّ عِبَادَ اللَّهِ إِنِّى لَكُمْ رَسُولٌ} (الدُّخان: ١٨) فَهُوَ من قَول مُوسَى لِذَوي فِرْعَوْن، مَعْنَاهُ: سلِّموا إليّ بني إِسْرَائِيل كَمَا قَالَ: {فَأَرْسِلْ مَعِىَ بَنِى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

١٧٦٤ - إِسْرَاءِيلَ} (الْأَعْرَاف: ١٠٥) أَي أطلِقهم من عذابك، وَقيل نُصِبَ عباد الله، لِأَنَّهُ نِداء مُضَاف، وَمَعْنَاهُ أَدّوا إِلَى مَا أَمركُم الله بِهِ يَا عباد الله فَإِنِّي نَذِير لكم.

قلت: وَفِيه وَجه آخر، وَهُوَ أَن يكون: أَدّوا إِلَيّ بِمَعْنى اسْتَمعُوا إِلَيّ كَأَنَّهُ يَقُول: أَدّوا إليَّ سمعكم أبلغكم رِسَالَة ربكُم، يدل على هَذَا الْمَعْنى من كَلَام الْعَرَب قَول أبي المُثَلَّم العُذَلي يفاجىء رجلا:

سَبَعْتَ رِجالاً فأهلكتَهم

فأَدِّ إِلَى بَعْضِهِمْ واقْرِضِ

أَرَادَ بقوله: أدِّ إِلَى بَعضهم أَي اسْتمع إِلَى بعض من سَبَعْتَ لتسمعَ مِنْهُ كَأَنَّهُ قَالَ: آدِّ سَمْعَك إِلَيْهِ لتسمع مِنْهُ، كَأَنَّهُ قَالَ: أدِّ سَمْعَكَ إِلَيْهِ.

وَقَالَ اللَّيْث: ألف الأداة وَاو، لِأَن جمعهَا أَدوات، وَلكُل ذِي حِرْفَة أداةٌ وَهِي آلَته الَّتِي تُقيم حرفته، وأداة الْحَرْب

<<  <  ج: ص:  >  >>