للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قلت: قَوْله: وَكَانَ طِلَاعاً أَي مُطالعة يُقَال طالعته مطالعة وطِلَاعاً. وَهُوَ أحسن من أَن تَجْعَلهُ اطِّلَاعاً؛ لِأَنَّهُ الْقيَاس فِي الْعَرَبيَّة.

وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: إِن نَفسك لطُلَعَةٌ إِلَى هَذَا الْأَمر، وَإِنَّهَا لَتَطَّلِعُ إِلَيْهِ أَي لِتُنَازِع إِلَيْهِ. وَامْرَأَة طُلَعَةٌ قُبَعَةٌ: تنظر سَاعَة ثمَّ تختبىء سَاعَة. وَقَول الله جلّ وعزّ: {ُلِّلْمُطَفِّفِينَ الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُواْ عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ أَلا يَظُنُّ أُوْلَائِكَ أَنَّهُمْ مَّبْعُوثُونَ لِيَوْمٍ عَظِيمٍ يَوْمَ يَقُومُ} ِ (الْهمزَة: ٦، ٧) قَالَ الفرّاء: يَقُول يبلغ ألَمُها الأفئدة. قَالَ والاطِّلَاع وَالْبُلُوغ قد يكونَانِ بِمَعْنى وَاحِد. وَالْعرب تَقول مَتى طَلَعْتَ أَرْضنَا أَي مَتى بلغْتَ أَرْضنَا. وَقَالَ غَيره: {تَطَّلِعُ على الأفئدة توفِي عَلَيْهَا فتحرقها، من اطّلعت إِذا أشرفت. قلت: وَقَول الفرّاء أحَبّ إليّ وَإِلَيْهِ ذهب الزجّاج. وَيُقَال: طَلَعْتُ الْجَبَل إِذا عَلَوته أطْلُعُهُ طُلُوعاً وَفُلَان طَلَاّع الثَنَايا وطَلَاّع أنْجُد إِذا كَانَ يَعْلُو الْأُمُور فيقهرها بمعرفته وتجاربه وجَوْدة رَأْيه والأنجد جمع النَجْد وَهُوَ الطَّرِيق فِي الْجَبَل، وَكَذَلِكَ الثَنِيَّة. وَمن أَمْثَال الْعَرَب: هَذِه يَمِين قد طَلَعَتْ فِي المخارم وَهِي الْيَمين الَّتِي تجْعَل لصَاحِبهَا مَخْرَجاً. وَمن هَذَا قَول جرير:

وَلَا خير فِي مَال عَلَيْهِ ألِيَّة

وَلَا فِي يَمِين غيرِ ذَات مخارِمِ

والمخارِم: الطّرق فِي الْجبَال أَيْضا، وَاحِدهَا مَخْرِمٌ. والطالِعُ من السِّهَام: الَّذِي يَقع وَرَاء الهَدَف، ويُعْدَلُ بالمُقَرْطِس.

وَقَالَ المرّار:

لَهَا أسهمٌ لَا قاصراتٌ عَن الحَشَى

وَلَا شاخصاتٌ عَن فُؤَادِي طوالِعُ

أخبَر أَن سهامها تصيب فُؤَاده وَلَيْسَت بِالَّتِي تَقْصُر دونه أَو تجاوزه فتخطئه.

وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: رُوي عَن بعض الْمُلُوك أَنه كَانَ يسْجد للطالع مَعْنَاهُ: أَنه كَانَ يخْفض رَأسه إِذا شخص سَهْمُه فارتفع عَن الرَمِيَّة، فَكَانَ يطأطىء رَأسه ليتقوّم السهمُ فَيُصِيب الدارة. وَيُقَال اطَّلَعْتُ الفجرَ اطّلاعاً أَي نظرت إِلَيْهِ حِين طلع. وَقَالَ:

نسيمُ الصَبَا من حَيْثُ يُطّلَعُ الفجرُ

وَحكى أَبُو زيد: عافى الله رَجُلاً لم يتطّلع فِي فِيك، أَي لم يتعقب كلامك. وَيُقَال: فلَان بِطِلْعِ الْوَادي، وَفُلَان طِلْعَ الْوَادي، بِغَيْر الْبَاء. قَالَ: واستطلَعْتُ رَأْي فلَان إِذا نظرت مَا رَأْيه. وطَلَعَ الزَّرْع إِذا بدا يَطلع إِذا ظهر نَبَاته. وأطْلَعَتِ النخلةُ إِذا أخرجت طَلْعَهَا. وطَلْعُهَا: كُفُرَّاها قبل أَن تنشقّ عَن الغَرِيض. والغَريض يسمّى طَلْعاً أَيْضا. وَحكى ابْن الْأَعرَابِي عَن المفضّل الضّبيّ أَنه قَالَ: ثَلَاثَة تُؤْكَل وَلَا تُسَمِّن، فَذكر الجُمَّار والطَلْع والكَمْأة، أَرَادَ بالطَلْع: الغَرِيض الَّذِي ينشَقّ عَنهُ كافوره، وَهُوَ أول مَا يُرَى من عِذْق النَّخْلَة. الْوَاحِدَة: طَلْعَة. وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الطَوْلَعُ الطُلَعَاء وَهُوَ الْقَيْء. عَمْرو عَن أَبِيه: من أَسمَاء الحيّة الطِلْع والطِلّ. وَأَخْبرنِي بعض مَشَايِخ أهل الْأَدَب عَن بَعضهم أَنه قَالَ: يُقَال أطْلَعْت إِلَيْهِ مَعْرُوفا مثل أزْلَلْتُ.

وَقَالَ شمر: يُقَال مَا لهَذَا الْأَمر مُطَّلَعٌ وَلَا

<<  <  ج: ص:  >  >>