قَالَ أَبُو عُبَيْدَة فِي بابُ سُوءِ المشارَكة فِي اهتمام الرجل بشأن صَاحبه. قَالَ أَبُو عبيد: إِذا أَرَادَ المشكو إِلَيْهِ أَنه فِي نحوٍ مِمَّا فِيهِ صَاحبه الشاكي قَالَ لَهُ: إِن يَدْمَ أَظلُّك فَقَدْ نَقِبَ خُفِّي؛ يَقُول: إِنِّي فِي مثل حالك.
وَقَالَ لبيد:
بِنَكِيبٍ مَعِرٍ دامِي الأَظَلِّ
والأظَلُّ والمَنْسِمُ للبعير كالظُّفْر للْإنْسَان.
من قَرَأَ (فِي ظلل على الأرائك) (يس: ٥٦) فَهُوَ جمع ظُلّة، وَمن قَرَأَ فِي (ظِلال) فَهُوَ جمع الظلِّ، وَمِنْه قَوْله: {الْمُبِينُ لَهُمْ مِّن فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِّنَ النَّارِ وَمِن تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ذَالِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ ياعِبَادِ فَاتَّقُونِ} (الزمر: ١٦) .
وَقَالَ تَعَالَى: {ظِلاًّ ظَلِيلاً} (النِّسَاء: ٥٧) أَي يُظل من الرّيح والحرّ.
وَقَالَ ابْن عَرَفَة: ظِلا ظَليلاً. أَي دَائِما طَيِّباً، يُقَال إِنَّه لفي عَيْش ظَليلٍ، أَي طيِّب.
قَالَ جرير:
وَلَقَد تُسَاعِفُنا الدِّيارُ وعَيْشنا
لَو دَامَ ذَاك كَمَا تُحبُّ ظلِيلُ
وَمِنْه: {شُعَبٍ لَاّ ظَلِيلٍ وَلَا يُغْنِى مِنَ اللَّهَبِ} (المرسلات: ٣١) . {وَظِلَالُهُم بِالْغُدُوِّ وَالَاْصَالِ} (الرَّعْد: ١٥) .
أَي مُسْتَمِرٌ ظلُّهم، يُقَال: هُوَ جمع الظل وَيُقَال: هُوَ شُخُوصهم.
{للهمَّنضُودٍ وَظِلٍّ مَّمْدُودٍ} (الْوَاقِعَة: ٣٠) يُقَال هُوَ الدَّائِم الَّذِي لَا تنسخه الشَّمْس، وَالْجنَّة كلهَا ظلّ.
لظ: رُوي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (ألِظُّوا فِي الدُّعَاء بيا ذَا الْجلَال وَالْإِكْرَام) .
قَالَ أَبُو عبيد: أَلِظُّوا يَعْنِي الْزَمُوا، والإلْظَاظُ لُزومُ الشيءِ والمثابرة عَلَيْهِ. يُقَال: أَلْظَظْتُ بِهِ أُلِظُّ إلْظاظاً، وَفُلَان مُلِظٌّ بفلانٍ أَي ملازمٌ لَهُ وَلَا يُفارقه.
وَقَالَ اللَّيْث: المُلَاظَّةُ فِي الْحَرْب الْمُوَاظبَة وَلُزُوم الْقِتَال وَرجل مِلْظَاظٌ ومِلَظُّ شديدُ الإبْلَاغِ بالشَّيْء يُلحُّ عَلَيْهِ، وَقَالَ الراجز:
عَجِبْتُ والدَّهْرُ لَه لَظِيظُ
وَيُقَال: رجل لَظٌّ كَظٌّ، أَي عَسِرٌ مُشَدَّدٌ عَلَيْهِ، والتَّلَظْلُظُ واللَّظْلَظَةُ من قَوْلك: حَيَّةٌ تَتَلَظْلَظُ، وَهُوَ تحريكُها رأْسَها مِن شِدَّة اغْتِيَاظِها؛ وحيةٌ تَتَلظى من شِدة توَقُّدِها وخُبْثها، كَانَ الأصلُ تَتَلَظَّظُ، وَأما قَوْلهم فِي الحرّ: يَتَلَظَّى فَكَأَنَّهُ يَتَلَهَّب كالنار من اللظى.
عَمْرو عَن أَبِيه: أَلَظَّ إِذا ألحّ وَمِنْه قَوْله: (أَلِظُّوا بِيا ذَا الْجلَال وَالْإِكْرَام) ؛ وَأنْشد لأبي وجزة:
فأبلغ بني سعد بن بكر مِلظَّة
رسولَ امرىءٍ بَادِي الْمَوَدَّة نَاصح
قيل: أَرَادَ بالمِلظة الرسَالَة، وَقَوله: رَسُول امرىء أَي رِسَالَة امرىء.