وَقَالَ الْأَصْمَعِي فِي قَول امرىء الْقَيْس:
وساقٍ كأنْبُوب السَّقِيِّ المذَلَّلِ
قَالَ: أَرَادَ ساقاً كأنْبُوبِ بَرْدِيِّ بَيْن هَذَا النَّخْل المُذَلَّل، قَالَ: وَإِذا كَانَ أَيَّام الثَّمْر أَلحَّ الناسُ على النَّخْل بالسَّقْي فَهُوَ حينئذٍ سَقيٌ، قَالَ: وَذَلِكَ أَنْعَمُ للنَّخِيل، وأجودُ لِلثَّمرة، رَوَاهُ شمر عَن الْأَصْمَعِي.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: السَّقِيُّ الَّذِي يَسْقِيه الماءُ من غير أَن يُتَكلَّفَ لَهُ السَّقْي، قَالَ: وَسَأَلت ابْن الْأَعرَابِي عَن المذَلّل فَقَالَ: ذُلِّلَ طريقُ الماءِ إِلَيْهِ.
قَالَ الْأَزْهَرِي: وَقيل: أَرَادَ بالسَّقِيِّ العُنْقُر وَهُوَ أصلُ البَرْدِيِّ الرَّخْصِ الْأَبْيَض وَهُوَ كأصل القَصَب.
وَقَالَ العجاج:
عَلَى خَبَنْدَى قَصَبٍ مَمْكُور
كَعُنْقُراتِ الحائرِ المكسور
وَيُقَال: حَائِط ذليلٌ أَي قصيرٌ، وبيتٌ ذليلٌ قصيرٌ السَّمْكِ من الأَرْض، ورُمحٌ ذليلٌ قصير، وَيجمع الذَّلِيل من النَّاس أَذِلَّة وذُلَاّنا، وَيجمع الذَّلول ذُلُلاً، وَقَالَ الْفراء فِي قَول الله جلّ وعزّ: {فَاسْلُكِى سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً} (النَّحْل: ٦٩) نعْتٌ لِلسُّبل، يُقَال: سَبيلٌ ذلولٌ وسُبُل ذُلُلٌ، وَيُقَال: إِن الذُّلُلَ من صِفَات النَّحْل أَي ذُلِّلَتْ لِتُخرجَ الشرابَ مِن بُطونها؛ وَيُقَال: أجْرِ الْأُمُور على أَذلالها أَي على أَحوالها الَّتِي تَصْلُح عَلَيْهَا وتَتَيَسَّر وتَسْهُل، وَاحِدهَا ذِلَ وَمِنْه قَول خنساء:
لِتَجْرِ الحوادثُ بعد الْفَتى ال
مُغَادَرِ بالنَّعْفِ أَذْلالها
أَرَادَ لتجر على أَذْلالِها، وَطَرِيق مُذلَّل إِذا كَانَ مَوْطوءاً سهلاً، وذلَّت القَوافي للشاعر إِذا تَسَهَّلت.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الذُّل الخِسَّةُ.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: الذَّلاذلُ أسافلُ الْقَمِيص الطَّوِيل وَاحِدهَا ذُلْذُلٌ.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: وَاحِد الذَّلاذل ذُلْذُلٌ، وَقَالَ أَيْضا: وَاحِدهَا ذِلْذِلَةٌ، وَهِي الذَّنَاذنُ أَيْضا وَاحِدهَا ذُنْذُنٌ.
وَفِي حَدِيث زِيَاد فِي خطبَته: إِذا رَأَيْتُمُونِي أُنْفِذُ قبلكُمْ الْأَمر فأنْفِذُوه على أَذْلاله أَي على وَجْهِه.
وَقَوله: {وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ} (آل عمرَان: ١٢٣) جمع ذليل.
قلت: هَذَا جَمْعٌ مطَّرِدٌ فِي المضاعف وَإِذا كَانَ فَعيلٌ صفة لَا تَضْعِيفَ فِيهِ جُمِعَ على فُعَلاء، كَقَوْلِك: كريمُ وكُرَماء، ولَئِيمٌ ولُؤَمَاء، وَإِذا كَانَ اسْما جُمِع على أَفْعِلَة، يُقَال: جَرِيبٌ وأَجْرِبة وقفيز وأقفزة والذُّلاّنُ جَمْع الذَّلِيل أَيْضا وَمعنى قَوْله: {أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} (الْمَائِدَة: ٥٤) أَي جانبهم ليِّن على الْمُؤمنِينَ لم يُرد الهوان؛