ونار الحُبَاحب: قد مَرّ تَفسيره فِي كتاب الْحَاء.
وَقَالَ أَبُو العبّاس: سَأَلت ابْن الأعرابيّ عَن قَوْله: لَا تَسْتَضِيئوا بِنَار المُشْركين.
فَقَالَ: النَّار هَا هُنَا: الرَّأْي، أَي لَا تُشاوروهم.
وأمّا حَدِيثهمْ الآخر: أَنا بَرِيء من كُلّ مُسلم مَعَ مُشْرك. ثمَّ قَالَ: لَا تَراءَى نارَاهُما.
فإنّه كره النُّزول فِي جوَار المُشركين، لِأَنَّهُ لَا عَهد لَهُم وَلَا أَمَان، ثمَّ وَكَّده فَقَالَ: لَا تراءَى ناراهما، أَي لَا يَنزل المُسلم بالموضع الَّذِي تقَابل نارُه إِذا أوقدها نارَ مُشرك، لقُرب منزل بَعضهم من بعض، وَلكنه ينزل مَعَ الْمُسلمين فَإِنَّهُم يَدٌ على مَن سِوَاهم.
ورُوي عَن ابْن عمر أَنه قَالَ: لَوْلَا أنّ عُمر نَهى عَن النِّير لم نَر بالعَلَم بَأْساً، وَلكنه نَهى عَن النِّير.
قَالَ شَمِر: قَالَ أَبُو زيد: نِرْتُ الثَّوْب أَنِيرُه نَيْراً.
وَالِاسْم: النِّيرة، وَهِي الخُيوطة والقَصبة إِذا اجْتَمعتا، فَإِذا افْترقتا سُمِّيت الخُيوطة: خُيُوطةً؛ والقَصَبةُ: قَصَبةً، وَإِن كَانَت عَصَا فعَصاً.
قَالَ: وعَلم الثَّوب: نِيرٌ، وَالْجمع: أَنْيَار.
ونَيَّرت الثوبَ تَنْيِيراً.
وَالِاسْم: النِّير.
تَقول: نِرْتُ الثَّوْبَ، وأَنَرْتُه، ونيَّرتُه، إِذا جعلتَ لَهُ عَلَماً؛ وأَنْشد:
على أَثَرَيْنا نِير مِرْطٍ مُرَجَّل
قَالَ: والنِّيرة أَيْضا: مِن أَدَوات النَّسَّاج يَنْسج بهَا، وَهِي الخَشبة المُعْترضة.
وَيُقَال للرجل: مَا أَنت بِسَداةٍ وَلَا لُحْمة وَلَا نِيرة؛ يُضْرب لمن لَا يَضُر وَلَا يَنْفع؛ قَالَ الكُمَيت:
فَمَا تَأْتُوا يَكُنْ حَسَناً جَمِيلاً
وَمَا تَسْدُوا لَمكْرُمة تُنِيرُوا
يَقُول: إِذا فَعلتم فعلا أَبْرَمْتموه.
قَالَ: والطُّرّة مِن الطَّريق تُسمَّى: النِّير، تَشْبِيهاً بنِير الثَّوب، وَهُوَ العَلَم فِي الْحَاشِيَة؛ وأَنشد بعضُهم فِي صِفة طَرِيق:
على ظَهر ذِي نِيرَيْن أمّا جَنابُه
فوَعْثٌ وأمّا ظَهْرُه فَمُوَعَّسُ
وجَنابُه: مَا قَرب مِنْهُ، فَهُوَ وَعْث يَشْتَدّ فِيهِ المَشي؛ وأمّا ظَهْر الطَّريق المَوْطوء فَهُوَ مُمَتَّن لَا يَشْتد على الْمَاشِي فِيهِ.
وَقَالَ غَيره: يُقَال للخَشبة المُعترضة على عُنق الثَّوْرين المَقْرونين للحراثة: نِيرٌ.
ويُقال لِلُحْمة الثَّوب: نِير؛ وأَنْشد ابْن الأعرابيّ:
أَلا هَل تُبْلِغَنِّيها
على اللِّيّان والضِّفَّهْ