واحتجّ قَائِل هَذَا القَوْل أَن الأَصْل كَانَ (أَأْول) ، فقلبت إحْدى الهمزتين واواً، ثمَّ أُدْغمت فِي الْوَاو الْأُخْرَى، فَقيل: أَوّل.
وَمن قَالَ، إِن أصل تأسيسه واوان وَلَام، جعل الْهمزَة ألف (أفعل) ، وأَدغم إِحْدَى الواوين فِي الْأُخْرَى وشَدَّدهما.
وَيُقَال: رَأَيْته عَاما أَوّل، على بِنَاء (أفعل) .
اللَّيْث: وَمن نَوّن حمَله على النّكرة، وَمن لم يُنون فَهُوَ بابُه.
ابْن دُرَيْد: أوّل، فَوْعَل.
قَالَ وَكَانَ فِي الأَصْل (وَوّل) فقُلبت الْوَاو الأُولى همزَة، وأُدغمت إِحْدَى الواوين فِي الْأُخْرَى، فَقيل: أوّل.
وَقَالَ الزجّاج فِي قَوْله الله تَعَالَى: {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِى بِبَكَّةَ مُبَارَكاً} (آل عمرَان: ٩٦) .
قَالَ: (أوّل) فِي اللُّغَة، على الْحَقِيقَة: ابْتِدَاء الشَّيْء.
قيل: وَجَائِز أَن يكون الْمُبْتَدَأ لَهُ آخر، وَجَائِز ألاّ يكون لَهُ آخِر.
فالواحد أوّل الْعدَد، وَالْعدَد غيرُ مُتناهٍ؛ ونعيم الْجنَّة لَهُ أوّل، وَهُوَ غير مُنْقطع.
وقولك: هَذَا أوّل مالٍ كسبته، جَائِز ألاّ يكون بعده كَسْب، وَلَكِن أَرَادَ: بل هَذَا ابْتِدَاء كَسْبي.
قَالَ: وَلَو قَالَ قَائِل: أوّل عبدٍ أملكهُ حُرّ، فَمَلك عَبْداً، لَعَتَق ذَلِك العَبْد، لِأَنَّهُ قد ابْتَدَأَ المِلْك.
فَجَائِز أَن يكون قَول الله تَعَالَى: {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ} (آل عمرَان: ٩٦) هُوَ الْبَيْت الَّذِي لم يكَن الحجّ إِلَى غَيره.
وَجَاء فِي خبر مَرْفُوع إِلَى النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِإِسْنَاد حسن، فِي تَفْسِير (الأوّل) فِي صفة الله عزّ وجلّ: (إِنَّه الأَوّل لَيْسَ قبله شَيْء، وَالْآخر لَيْسَ بعده شَيْء) .
وَلَا يجوز أَن نَعْدُوَ هَذَا التَّفسير.
قلت: وَقد قَالَ بعض اللُّغويين فِي اشتقاق (الأول) : إِنَّه (أفعل) ، من: آل يؤول؛ و (أُولى) فُعْلى مِنْهُ، فَكَأَنَّهُ (أول) فِي الأَصْل: أَأْول، فقُلبت الْهمزَة الثَّانِيَة واواً، وأُدغمت فِي الْوَاو الأُخرى، فَقيل: أوّل.
وعُزي هَذَا القولُ إِلَى سِيبَوَيْهٍ.
وَكَأَنَّهُ من قَوْلهم: آل يؤول، إِذا نجا وسَبَق.
وَمثله: وأل يَئل، بِمَعْنَاهُ.
أَبُو زيد، يُقال: لَقِيتُه عامَ الأوَّل، وَيَوْم الأوَّل، جرّ آخِره.
وَهُوَ كَقَوْلِك: أتيتُ مسجدَ الجامِع.
قلت: وَهَذَا من بَاب إِضَافَة الشَّيْء إِلَى نَعْته.