للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يكون (البَين) بِمَعْنى: الفِراق؛ وَيكون بِمَعْنى: الوَصْل.

قَالَ الله تَعَالَى: {لَقَد تَّقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنكُم مَّا كُنتُمْ تَزْعُمُونَ} (الْأَنْعَام: ٩٤) .

قَرَأَ نَافِع وحَفص، عَن عَاصِم وَالْكسَائِيّ: (بَيْنَكم) ، نَصْباً.

وَقَرَأَ ابنُ كثير وَأَبُو عَمْرو، وَابْن عَامر وَحَمْزَة (بَيْنُكم) رفعا.

وَقَالَ أَبُو عَمْرو: لَقد تَقَطَّع بَيْنُكم، أَي وَصْلُكم.

وَمن قَرَأَ (بَينكم) فَإِن أَبَا الْعَبَّاس رَوى عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه قَالَ: مَعْنَاهُ: تَقَطَّع الَّذِي كَانَ بَيْنكُم.

وَقَالَ الزجّاج: من فتح فالمَعنى: لقد تَقطع مَا كُنْتُم فِيهِ من الشَّركة بَيْنكم.

ورُوي عَن ابْن مَسْعُود أَنه قَرَأَ: (لقد تقطّع مَا بَيْنكم) .

وَاعْتمد الفَرّاء وغيرُه من النَّحْوِيين قِراءة ابْن مَسْعُود، لمن قَرَأَ (بَيْنَكم) .

وَكَانَ أَبُو حَاتِم يُنكر هَذِه الْقِرَاءَة وَيَقُول: من قَرَأَ (بينَكم) لم يَجُز إِلَّا بموصول، كَقَوْلِك: مَا بَينكم.

قَالَ: وَلَا يجوز حَذف الْمَوْصُول وبقَاء الصِّلَة، وَلَا يُجِيز العربُ: إنّ قَامَ زيدٌ، بِمَعْنى: إنّ الَّذِي قَامَ زيد.

قلت: أجَاز الفَراء، وَأَبُو إِسْحَاق النحويّ النَّصْب، وهما أعلم بالنَّحو من أبي حَاتِم.

وَالْوَجْه فِي ذَلِك أَن الله خَاطب بِمَا أَنزل فِي كِتَابه قوما مُشْرِكين، فَقَالَ: {وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَّا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَآءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَآءُ لَقَد تَّقَطَّعَ بَيْنَكُمْ} (الْأَنْعَام: ٩٤) .

أَرَادَ: لقد تقطع الشِّرك بَيْنكُم، فأضمر (الشّرك) لِمَا جَرى من ذكْر الشُّركاء، فافْهمه.

وَيُقَال: بَين الرَّجُلين بَيْن بَعيد، وبَوْنٌ بَعيد.

وَأما قَوْله تَعَالَى: {وَجَعَلْنَا بَيْنَهُم مَّوْبِقاً} (الْكَهْف: ٥٢) .

فإنّ الزّجاج قَالَ: مَعْنَاهُ: جعلنَا بَينهم من الْعَذَاب مَا يُوبقهم، أَي يُهلكهم.

وَقَالَ الْفراء: مَعْنَاهُ: جعلنَا بَينهم، أَي: تواصُلَهم فِي الدُّنيا مَوْبِقاً لَهُم يَوْم الْقِيَامَة، أَي: هلكاً. وَتَكون (بَين) صفة بِمَعْنى: وسط، وخِلال.

وَيُقَال: بَانَتْ يَد النَّاقة عَن جنبها تبِين بُيوناً.

وَبَان الخليطُ يَبين بَيْناً وبَينُونة؛ قَالَ الطّرْماح:

أآذَن الثاوي بِبَيْنُونة

أَخْبرنِي المُنذري، عَن أبي الْهَيْثَم، أَنه

<<  <  ج: ص:  >  >>